2ـ1: تصرح لجنة تدوين استراتيجية الامن القومي الامريكي في صياغتها المقترحة لاستراتيجية الامن القومي الامريكي في القرن الـ 21 بأن: الضغوط الناتجة عن الحياة العصرية، والسيادة الكاسحة للتقنيات الحديثة، ستفرز حالات عدم رضا لدى مواطني هذه المجتمعات، ما يضاعف طبيعياً من اقبالهم على الايديولوجيات المنافسة المشددة على الطمأنينة الروحية للافراد عبر التزامهم بالمبادئ الأخلاقية والدينية.ومحصلة هذا التغير قد تمثل خطراً على المجتمعات الديمقراطية: (مثل هذه الظاهرة تهدد توازن الأساليب المدنية المشيدة للمجتمعات الديمقراطية)1 من هنا كان السعي لنقد والغاء الايديولوجيا المنافسة ـ لاسيما الإسلام ـ من اجندة السلطات في هذه المجتمعات، ومجابهة الإسلام تعد ركناً مهماً في الاستراتيجية القومية الرامية إلى صيانة اسس الديمقراطية. انها المجابهة التي يمكن رصد ابرز تجلياتها في الحرب الاعلامية الغربية ضد العالم الإسلامي، واحداث الحرب ضد طالبان، والهجوم على العراق و… الخ. وهكذا تكتسب المجابهة الحضارية صفة موضوعية عينية خارجةً عن النطاق النظري الصرف: "الواقع اننا آخذون في دخول عصر التحديات الثقافية شئنا أو ابينا"2 . 2ـ2: في تقييمه الشامل للعالم الإسلامي، يرى هنري كيسنجر ساحة واسعة تكتنف العديد من بؤر التأزم بالنسبة للمصالح الأمريكية، ينبغي ان تواجه وتعالج. يصرح قائلاً: "الخلافات الداخلية في العالم الإسلامي كثيرة أيضاً، رغم أنها قليلة الظهور إلى السطح.. تحديات منطقة الخليج الفارسي، وظهور إيران الاصولية، مثالان فقط للمخاطر الكبرى التي قد تهدد الامن والسعادة، وربما تفاقمت لتصبح اخطاراً اعظم في المستقبل"3 . ايلاء القضية الفلسطينية اهتماماً اكبر، ومضاعفة الدعم المؤثر للكيان الصهيوني للتغلب على الانتفاضة، ومجابهة الانظمة المتمردة في العالم الإسلامي كالعراق وجمهورية إيران الإسلامية (كما يزعم كيسنجر) وبسط النفوذ الامريكي على سائر البلدان بالطرق الثقافية والسياسية، هي المقترحات العملية التي يتقدم بها كيسنجر لمواجهة العالم الإسلامي في القرن الـ 21. استراتيجية تفضي في النهاية إلى تحولات ثقافية هائلة وعميقة لصالح الثقافة الغربية في هذه البقعة من العالم. وبهذا يمكن القول ان وصفة "التدخلات الإنسانية" التي يصدرها الساسة الامريكيون لانفسهم بغية حماية الديمقراطية في العالم، تُمسخ عملياً على وسيلة لاستخدام الخيار العسكري من اجل ضرب اللاعبين المستقلين غير المستعدين لممالأة السلطويين في العالم4 .