"بديهي ان الغرب حضارة تختلف عن كافة الحضارات التي سبقتها، لانها تركت تأثيراً هائلاً على كل الحضارات التي زامنتها منذ عام 1500م ولحد الآن"1 . في مقال آخر بعنوان "إن لم تكن حضارةً، فما هي؟" نشر عام 1993 في مجلة السياسة الخارجية الامريكية، اثار هانتنغتون السؤال عن امكانية تدهور الحضارة الليرالية الديمقراطية بشكل صريح، وقال" مع ان الجهود لمكافحة أمريكا وتضعيف الليبرالية الديمقراطية، متظافرة وحثيثة، ولكن ينبغي ان لا ننسى ان قيم الليبرالية الديمقراطية في الوقت الراهن ذات طابع عالمي، لذلك بوسعها ان تكون دائمية إذا انتصرت على الحضارة (الإسلامية ـ الكونفوشية). وهكذا يرى الالتزام بهذه القيم وتنميتها رسالة الساسة الامريكيين، ويقول: "إذا لم يؤمن الامريكيون بالقيم الليبرالية الديمقراطية والايديولوجيا السياسية الاوربية، ولم يعملوا بها، عندئذ لن تبقى الولايات المتحدة كما عرفناها، وستدفن في مقبرة التاريخ على غرار سواها من القوى العظمى التي اقتصرت على الايديولوجيا"2 . لباب فكرة هانتنغتون هو ان على الليبرالية الديمقراطية اليوم بوصفها ايديولوجيا، ان تنتهز المناخ العالمي الملائم (اضمحلال الاتحاد السوفيتي) وتستخدم الامكانات التقنية والمادية، سعياً لأن تغدو الايديولوجيا المتفوقة والمهيمنة، لذا يتوجب ان تعتبر الايديولوجيا الإسلامية منافسها الجدي. بكلمة ثانية، صورة العالم الإسلامي لدى الليبرالية الديمقراطية هي صورة "عدو" ينبغي اجتثاثه عن الطريق بمختلف الادوات والاساليب. وهكذا ينشد "فعل العولمة" تسويد قيم تقتلع في نهاية المطاف عدواً اسمه الإسلام عن المسرح العالمي. لا ينبثق من قراءة هانتنغون لفعل العولمة شئ سوى "الحرب"، وبذا يجب ان يتوقع العالم الإسلامي وقوع سلسلة من الاشتباكات العسكرية الجديدة في داخله، اشتباكات تضم طيفاً متنوعاً من الحروب التقليدية والحديثة سواء كانت عسكرية أو نفسية أو غير ذلك. 1ـ3: قراءة يورغن هابرماس؛ الليبرالية كمرجعية للفكر الديني هابرماس اكبر الفلاسفة الاحياء من المدرسة النقدية. في معرض تحليله للوضع السائد على العلاقات بين الإسلام والحضارة الغربية في ضوء العولمة يصل إلى ان الحضارة الإسلامية تواجه على صعيد السياسة ونظام الحكم ازمة شرعية تهدد استمرار حياتها السياسية. ويمكن ملاحظة هذه الازمة في حكومات العالم الإسلامي بكل وضوح. سبيل الخروج من هذه الازمة التي يعتقد هابرماس انها قد تصيب سائر الحضارات، هو العودة إلى مبادئ واصول مشتركة