ب ـ البلدان ذات الهامش الامني، وتشمل القوى المتوسطة في البلدان النامية. تتلقى هذه البلدان امواج العولمة فتتقبل نسبة معينة من التغيير والتحول، ملائمةً بذلك بين نظامها والعولمة من النواحي الثقافية والاقتصادية والسياسية والاتصالاتية. وهكذا تخلق العولمة لها بعض المتاعب، بيد انها لا تؤدي إلى انهيارها بسبب ما تتمتع به من مرونة في بنيتها الثقافية ـ التنظيمية. ج ـ البلدان المعرضة للخطر، وهي التي تفتقر لتجانس ثقافي ـ تنظيمي اولي مع القواعد الرئيسة للعولمة، فتكون عرضة لأعنف مخاطرها، العولمة بالنسبة لهذه البلدان تعني قبول تحول وتغيير في هويتها ومبادئها السلوكية، ولذا قد تعني لها حتى الزوال والانهيار. انطلاقاً من ان معظم البلدان المسلمة، وليس جميعها، تندرج ضمن الفئة الثالثة، يتسنى القول ان الوجه المهدد الخطير للعولمة يحظى بالاهمية والاولوية القصوى. بلحاظ التصنيف اعلاه، تكتسب صفة "محدود" معناها، وهو ان "المخاطر الكبرى التي تتعرض لها بلدان الفئة الثالثة" هي المقصودة في هذا البحث. 2ـ معرفة الخطر السياق الاصلي لحركة العولمة في الاعوام الاخيرة من القرن العشرين والاولى من القرن الحادي والعشرين، كان بالنحو الذي يهدد العديد من البلدان الوطنية المستقلة، إسلامية كانت أو غير إسلامية. بناء على هذا، يمكن الفصل بين طائفتين رئيستين من المخاطر الناجمة عن العولمة: الأولى المخاطر الثقافية المحدقة بأسس العقائد والقيم لدى اللاعبين، والثانية المخاطر غير الثقافية، الداخلة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاتصالاتية والتقنية. ويبدو ان العالم الإسلامي معرض لتحديات كبيرة من الناحيتين، بيد أن التحدي الثقافي، وبسبب المكانة الرفيعة الحساسة للقيم الإسلامية في الحياة السياسية ـ الاجتماعية للمسلمين، يحظى باهمية واتساع اكبر. وبتعبير آخر، نقول ان التحدي الثقافي الذي تخلقه العولمة، يحدق في لاعبين لهم مدارس عقيدية مستقلة، لذلك لا يتأثر منه جميع اللاعبين بدرجة متساوية. والاسلام بوصفه المنافس الابرز لليبرالية الديمقراطية يقف في الصف الأول للكيانات التي تهددها الاخطار الثقافية الناجمة عن "فعل العولمة"، ونلاحظ ان كماً ملحوظاً من المساعي النظرية والبرامج العملية للقوى العظمى ينصب لمواجهة التعاليم والقيم الإسلامية. ونظراً لاهمية العنصر الثقافي في الدراسات المختصة بظاهرة العولمة، وكذلك معرفة التيار الإسلامي،