1ـ الاطار المفهومي يصح اعتبار العولمة أهم ظاهرة اثرت في حياة الإنسان المعاصر بحيث يندر ان نعثر على حقل لم يشهد تحولات مفهومية أو تطبيقية بفعل تأثيراتها ومع ان هذه الاهمية افضت إلى انتاج كم كبير من النصوص البحثية ذات الصلة بقضايا العولمة، ولكن يستشف ان الاعتبارات الامنية من آخر المجالات البحثية التي جرى الاهتمام بها في هذا المضمار. لذا من الضروري قبل الدخول في البحث، تحديد الركائز النظرية والاطار المفهومي للموضوع. 1ـ1: العولمة فيما يخص العولمة يمكن فرز قراءتين اساسيتين عن بعضهما تمثل كل واحدة قاعدة لتحليل أمني معين: أولاً: العولمة بوصفها عملية (Globalization as a preess) ينظر "فرد امري" (Fred Emery) و"اريك تريست" (EricTrist) لظاهرة العولمة كحالة تاريخية كانت تحضر في لا شعور الاجيال الماضية. فالجديد في العولمة من هذا المنظار هو مجرد الوعي بها، وليست العولمة ذاتها. "يمكن الوعي بتحولات العالم، من دون الوعي بهذا الوعي"1 . بحسب هذه القراءة، فإن مسار تطور المجتمعات الإنسانية من الحالة البدوية إلى الحالة المدنية والمتقدمة المعاصرة، يقتضي "رؤية عالمية"، لذلك بوسعنا رصد جذور الرؤية العالمية منذ بواكير تكّون المجتمعات الحالية، وهي التي اسفرت عن تأسيس امبراطوريات واتحادات، وبالتالي شبكات اتصال متطورة عصرية. من هنا يمكن من وجهة نظر هؤلاء المفكرين التعبير عن معنى العولمة بمفردة "النزعة العالمية" (Globalism) كمرادفة أو شارحة2 . ثانياً: العولمة باعتبارها مشروعاً أو مخطط (Globalization as a Project) في مقابل الفكرة اعلاه تصطف فئة من المفكرين ينتمون غالباً لبلدان من العالم الثالث، ويؤمنون بأن العولمة في حقيقتها مشروع وخطة رسمت من قبل القوى العظمى لتغيير اجواء اللعبة على المستوى العالمي بغية هيمنة من نوع جديد على سائر اللاعبين. في اطار هذه الرؤية تغدو العولمة "فعل عولمة" (Globalizing) وتتبدى خطراً حقيقياً لكثير من البلدان3 . والواقع ان الشكل الحالي للعولمة مزيج من كلا الرؤيتين. لذلك يقيمها كاتب السطور في هذه الدراسة كعملية باتت اليوم موضوعاً لمخططات ومشاريع القوى العظمى التي تحاول استغلال هذه العملية الطبيعية سياسياً إلى اقصى حد ممكن. من هذا المنظار تفسر العولمة داخل