مقدمة "نحن على أعتاب تحول تأريخي كبير.. لم يعـد ثمة شيء خارجاً في الجانب الآخر (outside). تقاربت أجزاء العالم من بعضها.. أرضنا واحدة.. في هذا الجو انبثقت مخاطر وفرص جديدة.. أضحت جميع قضايانا الملحة عالمية.. إن وضعنا الحالي وضع بشري وليس وطنياً"( 1) يتضمن تقييم كال جاسبرس (Karl Jaspers) لحال الإنسان الراهنة، حقيقة أن نقد العناصر الرئيسة لنظام "الأمة ـ الدولة" إستتبع ظهور مناخ جديد لن يعد من الضروري أن يقرأه كل السياسيين بشكل واحد من الناحية الأمنية. بناءً على هذا يمكن التنبؤ بأن القرن الحادي والعشرين سيكتنف على تحولات هائلة تبدد أمن بعض اللاعبين وتهدي لبعضهم التفوق والهيمنة بدرجات لا تصدق. نحاول في هذا البحث تقييم ظاهرة "العولمة" من الزاوية الامنية بالنسبة للعالم الإسلامي. وللوصول إلى هذا المطمح سنحيل إلى مرتكزات نظرية للموضوع تجعل الدراسات ذات صلة أمنية، لتؤسس إطاراً تحليلياً نشير من خلاله إلى ثلاثة صنوف أساسية من المخاطر التي تهدد العالم الإسلامي نتيجة العولمة. بديهي ان الوضع الحالي للعالم الإسلامي وما فيه من إمكانات وقابليات، سيُتخذ معياراً لتقييم المخاطر المحدقة. يفترض كاتب السطور انه على الرغم من وجود فهمين متباينين تماماً للعولمة هما "الاعتماد على التراث الإنساني المشترك لإدارة القضايا العالمية" و"السعي لتوحيد الثقافة وتنميط سلوك اللاعبين السياسيين في ضوء مبادئ الليبرالية الديمقراطية"، بيد أن ما يظهر للعيان حالياً في الواقع هو النزوع إلى فرض الهيمنة من قبل اللاعبين الأقوياء تحت طائلة العولمة. من هذه الزاوية تفسر "العولمة" في إطار استراتيجية عملية نسميها "فعل العولمة" أو "فرض العولمة" وهي استراتيجية خطرة بحكم طبيعتها. تحليل محتوى الأخطار، وتمييز صنوفها المختلفة المحدقة بالعالم الإسلامي هو الهدف الرئيسي لهذه الدراسة.