[ 465 ] [ وقال أيضا: نحن أطعم للطعام وأضرب للهام (1). وقد عرفت جفاء المكيين وطيش المدنيين، وأعراق بنى هاشم مكية ومناسبهم مدنية ثم ليس في الأرض أحسن أخلاقا، ولا أطهر بشرا، ولا أدوم دماثة (2). ولا ألين عريكة، ولا أطيب عشيرة ولا أبعد من كبر منهم والحدة لا يكاد يعدمها الحجازي والتهامى، إلا أن حليمهم لا يشق غباره، وذلك في الخاص والجمهور على خلاف ذلك، حتى تصيرا الى نبى هاشم، فالحم في جمهور هم، وذلك يوجد في الناس كافة، ولكنا نضمن أنهم أتم الناس فضلا وأقلهم نقصا وحسن الخلق في البخيل أسرع، وفى الذيل أوجد، وفيهم مع طرف جودهم، وظهور عزهم، من البشر الحسن والاحتمال وكرم التفاضل، ما لا يوجد مع البخيل الموسر، والذليل المكثر، اللذين يجعلان البشر وقاية دون المال. وليس في الارض خصلة تدعوالى الطغيان والتهاون بالأمور وتفسد العقول وتورث السكر، إلا وهى تعتريهم وتعرض لهم دون غير هم، إذا قد جمعوا من الشرف العالي والمغرس الكريم، العز والمنعة، مع إبقاء الناس عليهم، والهيبة لهم، وهم في كل أوقاتهم، وجميع أعصارهم فوق من هم على مثل ميلادهم، في الهيئة الحسنة والمروة الظاهرة والاخلاق المرضية. وقد عرفت الحدث العزيز من فتيانهم وذوو الغرامة من شبانهم، انه إن افترى لم يفتر عليه وإن ضرب لم يضرب. ثم لا تجده إلا قوى القلب، بعيد الهمة كثير المعرفة مع خفة ذات اليد، وتعذر الامور. ________________________________________ (1) الهام - جمع الهامة -: رأس كل شئ. (2) الدماثة: سهولة الخلق. (*) ________________________________________