[ 22 ] رجل من جذام، وسامرهم أن يبتدروا في المسجد غدا، فمر ابنك عبد العزيز أن يخطب، ويدعوهم إليك، وأنا آمرهم أن يقولوا صدقت، فيظن الناس أن أمرهم واحد، قال: فلما أصبح عبد العزيز خرج على الناس وهم مجتمعون، فقام: فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ما أحد أولى بهذا الامر من مروان بن الحكم، إنه لكبير قريش وشيخها، وأفرطها عقلا وكمالا، دينا وفضلا، والذي نفسي بيده، لقد شاب شعر ذراعيه من الكبر. فقال الجذاميون: صدقت. فقال خالد بن يزيد: أمر قضي بليل. فبايعوا مروان بن الحكم. فقال عمرو بن سعيد للضحاك بن قيس: أرضيت أن تكون بريدا لابن الزبير، وأنت أكبر قريش وسيدها، تعالى نبايعك، فخرج به ألى مرج راهط، فلما دعاه إلى البيعة اقتتلوا، فقتل الضحاك بن قيس، فقال عمرو بن سعيد لاهل الشام، ما صارت أيديكم إلا مناديل، من جاءكم مسح يده بها، إن مروان سيد قريش، وأكبرهم سنا، فبايعوا مروان بن الحكم، وقتل الضحاك بن قيس، هزم أصحابه، وكانت قيش مع الضحاك، وكان اليمن مع عمرو بن سعيد (1)، فمكث مروان ما شاء الله أن يمكث، ثم قال له أصحابه: والله ما نتخوف إلا خالد بن يزيد بن معاويه، وإنك إن تزوجت أمه كسرته، وأمه ابنة (2) هاشم بن عتبة بن ربيعة، فخطبها مروان بن الحكم، فتزوجها، وأقام بالشام، ثم أراد أن يخرج إلى مصر. فقال لخالد: أعرني سلاحا إن كان عندك. قال: فأعاره سلاحا، وخرج إلى مصر، فقاتل أهل مصر، وسبى ناسا كثيرا، فافتدوا منه، ثم قدم الشام. ________________________________________ (1) أشرنا إلى أن الصراع قد فتح على مصراعيه بين الاجنحة القبلية الداعمة للامويين وحدث من ذلك تحرك العصبية فكانت مرج راهط بين العصبيتين القيسية الممثلة بالتحالف بين الضحاك والزبير والقبائل المنضوية تحت لواء الضحاك، واليمنية التي تمثلت في الاجنحة المتحالفة بزعامة مروان بن الحكم. وكان أبرز نتائج هذه المعركة: - انهزام الخط الزبيري الذي أخفق في الاستقطاب القبلي. - استمرارية النظام الاموي، عبر مرحلة انتقالية تمثلها خلافة مروان على أن تعود الخلافة للبيت السفياني ممثلا بخالد بن يزيد (حسب الاتفاق الذي جرى بين أجنحة النظام الاموي - انظر ما لاحظناه قريبا). لكن مروان عمد إلى خرق هذا الاتفاق، من خلال تزوجه بأم خالد بن يزيد ليحط من قدره ويضعفه ثم مبادرته بعد ذلك إلى تعيين ولديه لولاية العهد مطوقا أية محاولة في المستقبل لانتزاع السلطة من بيت بني العاص أو بني مروان. (2) هي فاختة بنت أبي هاشم بن عتبة (ابن الاثير - مروج الذهب). (*) ________________________________________