[ 97 ] والظلمة، أو في الزيادة والنقصان ودخول أحدهما في الآخر على سبيل التدريج حتى يبلغ كل واحد منهما منتهاه في الزيادة والنقصان وهي خمس عشر ساعة تقريبا أو في الطول والقصر والحر والبرد باعتبار العروض وأهويتها فان العروض الشمالية كلما كانت أكثر كان قوس النهار أطول وقوس الليل أقصر فيكون النهار أطول من الليل بقدر ضعف تعديل النهار، والعروض الجنوبية بعكس ذلك واختلاف كل واحد منهما بحسب الأمكنة فان الأرض لما كانت كروية فأية ساعة فرضت من النهار فهي صبح لموضع وظهر لآخر وعصر لثالث ومغرب لرابع، وقس على هذا ولاختلافهما فوائد ومنافع للخلق فإنه لو كان الليل أو النهار سرمدا إلى يوم القيامة أو كان مقدار النهار مائة ساعة أو مائتي ساعة أو أكثر كما في عرض تسعين - فان هناك مدة كل منها ستة أشهر كان في ذلك بوار كل ما في الارض من حيوان ونبات ولو كان دخول أحدهما في الآخر دفعيا لأضر ذلك بالأبدان وأسقمها كما يضر الخروج من الحمام إلى موضع بارد دفعة، ولو كانت العروض متساوية في الحر والبر والأهوية لضاق الأمر على العباد بخلاف ما إذا كانت متفاوتة فإنه ينتقل منهم من أراد من موضع إلى موضع وجده موافقا لمزاجه فهي كالخوان الموضوع بين يدي جماعة فيه ألوان مختلفة من الأطعمة والأشربة في الكمية والكيفية يأكل منها كل واحد منهم ما أراد ووافق مزاجه، وبالجملة آثار صنع الله تعالى وحسن تدبيره في اختلافهما ومصالحه ومنافعه أعظم من أن يحيط بها علم الإنسان أو يكتب في الدفاتر ويذكر باللسان ولذلك ذكره الله تعالى في القرآن المجيد في مواضع عديدة وموارد كثيرة تنبيها لهم عن الغفلة وتذكرا لهم بالحكمة. (والفلك التي تجري في البحر) الفلك بضم الفاء وسكون اللام واحد وجمع فإذا كان واحدا فالضمة بمنزلة ضمة قفل، وإذا كان جمعا فالضمة بمنزلة اسد، فالضمتان متفقتان لفظا ومختلفتان معنى أما الجمع فكما في قوله تعالى * (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم) * وأما الواحد فقد يأتي للمذكر بمعنى المركب كما في قوله تعالى * (في الفلك المشحون) * وقد يأتي للمؤنث بمعنى السفينة كما في قوله تعالى * (والفلك التي تجري في البحر) * ويحتمل أن يكون فيه جمعا * (بما ينفع الناس) * " ما " إما مصدرية أي بنفعهم، أو موصولة أي بالذي ينفعهم من المحمولات والمجلوبات وغوص اللآلي، وضمير " ينفع " على الأول يعود إلى " الفلك " بمعنى المركب ففيه استخدام أو إلى الجري أو البحر، وعلى الثاني إلى الموصول وفي موضع هذا المركوب المشكل بالشكل المخصوص الداخل فيه الهواء وحمله للأمتعة الكثيرة وأصناف من الحيوان وجريه في الماء بسياق الرياح، وعدم رسوبه فيه وتقوية القلوب على ركوبه، وجعل البحر متوسطا بين الكثيف واللطيف القابل لجريانه من لطايف الصنع وحسن التدبير في مصالح الناس ومعاشهم ما لا يخفى على ذوي البصائر الثاقبة، ومن جملتها ________________________________________