[ 96 ] أصلا. قيل: كان للمشركين حول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما فلما سمعوا بهذه الآية تعجبوا وقالوا إن كنت صادقا فأت بآية نعرف بها صدقك فنزلت (إن في خلق السموات) على مقادير متفاوتة وأبعاد مشاهدة في البعد البعيد لما في قربها من تحير الأبصار بمشاهدة شعاع الكواكب وسرعة دورانها كما يشاهد ذلك من البروق المتوالية المضطربة في الجو ومن المصابيح المتكثرة التي تدور حول أحد دورانا حثيثا فإنها تحير بصره حتى يتحير لوجهه، وعلى إدارتها مثل الدولاب مع ما فيها من الشمس والقمر والنجوم الثوابت والسيارات على بسيط الأرض دائما بهذا التقدير المشهود والتأثير المعلوم لصلاح الأرض ومن عليها، من غير انثلام ولا انكسار مع كمال لطافتها وانشفافها وعلى حركات مختلفة في الكم والكيف والجهة فبعضها سريع وبعضها بطئ وبعضها شرقي وبعضها غربي وبعضها ذاتي وبعضها عرضي وعلى تجزئتها بممثلات ومتممات وحوامل، وخوارج المراكز والتداوير كل ذلك على أنحاء مخصوصة وأوضاع معلومة لأغراض مقصودة بعضها جلي وبعضها خفي (والأرض) على حجمها وثقلها ورسوبها في الماء وانكشاف بعضها ليكون مسكنا للحيوانات البرية وعلى سعتها وسكونها وتوسطها بين الصلابة والرخاوة لتكون مأوى أنواع الوحوش ومسكن أصناف الناس ومزارعهم ومنابت أخشابهم وأحطابهم ولا يكونوا بمنزلة المتحصنين في حصار ضيق. وليتمكنوا من السعي فيها في مأربهم والجلوس فيها والنوم عليها والاتقان لأعمالهم فإنها لو كانت متحركة رجراجة (1) لم يتمكنوا التعيش فيها كما نشاهد ذلك فيما يصيبهم حين الزلازل على قلة مكثها وليتمكنوا من الزرع فيها والبناء عليها والمشي فيها ويسهل خروج النبات والأشجار. فإنها لو كانت شديدة الصلابة مثل الحجر أو شديدة الرخاوة مثل الماء لما أمكن شئ من ذلك، وعلى ما فيها وما عليها من المياه والجبال والمعادن مثل الياقوت والزبرجد والفيروزج والذهب والنحاس والحديد وغيرها كل ذلك لمنافع الخلق التي يعجز الوصافون عن توصيفها وتحديدها وعلى كرويتها الموجبة لاختلاف الآفاق والطوالع والمطالع والتعديلات والطلوع والغروب مستويا ومعكوسا واختلاف أهوية الأقاليم الموجبة لاختلاف أمزجة سكانها واختلاف أحوالهم وأخلاقهم وألوانهم، وقيل: إنما جمع السماء وأفرد الأرض لأن كل سماء جنس آخر بخلاف الأرض فانها جنس واحد. كتاب العقل والجهل (واختلاف الليل والنهار) أي تعاقبهما على النظام المشاهد من الخلقة بالكسر وهي أن يذهب أحدهما ويجئ الآخر خلفه وبه فسر قوله تعالى " وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة " ومنه قولهم: واختلفا ضربة أي ضرب كل واحد منهما صاحبه على التعاقب، أو اختلافهما في النور ________________________________________ 1 - الرجرجة: الاضطراب. (*) ________________________________________