[ 84 ] وضعف البصيرة كيف وقد دل الأحاديث الكثيرة على أن أكثر أهل الجنة النساء وضعفاء العقول، لا يقال: ترتب الثواب على العبادة مشروط بصحتها وصحتها مشروطة بنية التقرب إلى الله تعالى ونية التقرب إليه متوقفة على معرفته ومعرفته بهذا النحو وهو أنه خالق الأشياء عبثا بلا مصلحة ولا منفعة ليست بمعرفة حقيقة فكيف يترتب الثواب على عبادة هذا الرجل في الآخرة، لأنه يقال: أدنى المعرفة مع نفي الشريك يكفي في ترتب أدنى الثواب على العمل وذلك أن العبد إذا عرف ربه بقدر عقله ووسعه ولم يعتقد الشريك له ولا مشابهته لخلقه في الجسمية والمقدار وما يتبعهما كان قابلا لرحمته الواسعة مع رجحان الرحمة فإذا ضم معها عبادة عارية من الكبر والعجب والرياء وغيرها من الآفات والمفسدات للعبادة صار جانب الرحمة أرجح واستحقاق الثواب أقوى فوجب تحقق الثواب ولو كان حصول أصل الثواب موقوفا على كمال المعرفة فظاهر أن ذلك لا يتيسر إلا للعاقل الكامل الذي هو فريد في العقل والكمال لزم أن لا يكون من هو دونه من الضعفاء من أهل الرحمة. وهو خلاف ما نطقت به الروايات ودلت عليه الآيات والظاهر أنه لم يذهب إليه أحد أيضا. * الأصل: 9 - " علي بن إبراهيم، عن أبيه عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا بلغكم عن رجل حسن حال فانظروا في حسن عقله، فانما يجازى بعقله ". * الشرح: (علي بن إبراهيم) ثقة معتمد صحيح المذهب له كتب (عن أبيه) إبراهيم بن هاشم أبي إسحاق القمي ولم يصرحوا بجرحه وتعديله والأرجح قبول قوله (صه) (عن النوفلي) الحسين بن يزيد بن محمد بن عبد الملك وكان شاعرا أديبا وقال قوم من الكوفيين إنه غلا في آخر عمره (عن السكوني) إسمعيل بن أبي زياد الشعيري له كتاب وكان عاميا (عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)) صرح (عليه السلام) بهذه النسبة مع أن جميع ما روي عنه أخذه من مشكاة النبوة للتشرف بذكره (صلى الله عليه وآله) وللتأكيد والمبالغة في قبول مضمون الحديث ولاحتمال أن يكون السامع عاميا لا يقبل منه بدون ذلك (إذا بلغكم عن رجل حسن حال) من فعل الصلاة والزكاة والصيام والحج والصدقات وغيرها من الأعمال الدينية والدنيوية (فانظروا في حسن عقله) فإن وجدتم عقله على وجه الكمال فاعلموا أن أعماله أيضا على وجه الكمال وأن الثواب المترتب عليها على وجه الكمال. وإن وجدتم عقله ناقصا فاعلموا أن جميع ذلك ناقص فلا تغتروا بحسن أعماله وأفعاله واستقامة أحواله ظاهرا ولا تحكموا بمجرد ذلك على صحة عقيدته وسلامة قلبه وكمال عمله وثوابه بل انظروا أولا في حسن عقله وكمال جوهره (فانما يجازى بعقله) أي بقدر عقله وللعقل مراتب متفاوتة تفاوتا فاحشا ________________________________________