[ 85 ] وهو أصل العبادة وأساسها كما قال الصادق (عليه السلام): " العبادة حسن النية من الوجوه التي يطاع الله منها) (1) وظاهر أن ذلك لا يحصل بدون العقل ففضل العبادة وكمال ثوابها بقدر فضل العقل وكماله، وفيه دلالة على أن ثواب العالم أفضل من ثواب الجاهل وإن كان الجاهل أعبد منه، وعلى اختبار حال الشاهد والراوي وكل مخبر وإن كانت أحوالهم حسنة بحسب الظاهر. * الأصل: 10 - " محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال: ذكرت لأبي عبد الله (عليه السلام) رجلا مبتلى بالوضوء والصلاة وقلت: هو رجل عاقل، فقال: أبو عبد الله (عليه السلام): وأي عقل له وهو يطيع الشيطان ؟ فقلت له: وكيف يطيع الشيطان ؟ فقال: سله هذا الذي يأتيه من أي شئ هو، فانه يقول لك: من عمل الشيطان ". * الشرح: (محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال: ذكرت لأبي عبد الله (عليه السلام) رجلا مبتلى بالوضوء والصلاة) أي بالوسواس في نيتهما أوفعلهما أو بالمخاطرات التي تشغل القلب عنها (وقلت هو رجل عاقل) التنكير للتعظيم والتفخيم (فقال أبو عبد الله (عليه السلام): وأي عقل له وهو يطيع الشيطان) إنكار لذلك القول على سبيل المبالغة، فان من يطيع الشيطان كأنه لا عقل له فضلا عن أن يكون عقله كاملا، ويحتمل أن يكون نفيا لعقله حين الإطاعة فيكون ردا لذلك القول على أن يكون قضية دائمة، واعلم أن للشيطان تصرفا عجيبا في الإنسان وعملا غريبا معه. فانه إذا يئس من كفر من صح إيمانه قصده بالوسوسة ليشغل سره بحديث النفس يكرر عليه أفعاله ويؤذيه فربما يتصرف فيه بأمر النية وهي القصد إلى الفعل المأمور به تقربا إلى الله تعالى فيقول له: إنك لم تقصد قصدا معتبرا ويقول الملك الموكل بقلبه لتسديده إنك قصدت ويقع بينهما تعارض يوجب تردده فعند ذلك يقول له الشيطان: كيف قصدت مع هذا التردد فيبطله ويستأنف، وهكذا دائما وقد يقول له: لا يكفيك هذا القصد الإجمالي بل يجب عليك القصد إلى ما ينحل به تفصيلا، فيشرع في تفصيل معنى القصد والفعل والأمر والقربة وغير ذلك، وكلما خطر معنى من هذه المعاني بالبال غفل عن الآخر لأن مشرب القلب ضيق فيقول له حينئذ لا بد لك من تدارك ذلك الآخر فيأمره بذلك دائما فيبقى مترددا بحيث لا يدري ما يفعل فيصير ذلك سببا لقلقه واضطرابه حتى كأنه مجنون. وقد نقل عن ابن الباقلاني أنه قال يجب على المصلي في نية الصلاة أن يستحضر العلم بالصانع وما يجب له وما يستحيل عليه وما يجوز له من بعثة الرسل وتأييدهم بالمعجزات ووجه ________________________________________ 1 - رواه الكليني في كتاب الايمان والكفر باب العبادة تحت رقم 4. (*) ________________________________________