[ 61 ] وقد يستدل بهذا على حجية الإجماع وسنتكلم عليه إن شاء الله تعالى (ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلا أقله) أي أقل ذلك الجميع يعني إنا لا نعرف من أفراد التمييز الحاصل من جهة تلك القوانين المذكورة إلا الأقل أو إنا لا نعرف من جميع ذلك المذكور من القوانين الثلاثة إلا الأقل فان ذلك متوقف على معرفة الأحكام الجزئية واستنباطها من الكتاب ومعرفة مذاهب العامة فيها ومعرفة إجماع الفرقة الناجية عليها، وتحصيل هذه المعارف متعسر جدا، وقيل: المقصود أنا لا نعرف للاعتماد والتعويل لكل أحد من المتعلمين من جميع ما ذكرنا إلا ما هو أقله إتعابا وأسهله عليهم مأخذا، وهو المفسر بقوله " ولا نجد " وهذا مستبعد جدا لعدم فهمه من العبارة (ولا نجد شيئا أحوط ولا أوسع من رد علم ذلك كله إلى العالم) من أهل بيت نبينا (صلى الله عليه وآله) فان فيه التحرز عن القول في الدين بغير علم والتخلص عن التعب والتجنب من عذاب الآخرة كما قال العالم (عليه السلام) " إذا كان ذلك فأرجه حتى تلقى إمامك فان الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات " وقيل: يجوز أن يراد بالعالم العالم من علماء الامامية الذي علم اصول المذهب وفروعه ببصيرة وبرهان، وهذا بعيد أما أولا فلأن المعهود من كلام المصنف أنه كلما أطلق العالم أراد به المعصوم (عليه السلام) وأما ثانيا فلوجود (عليه السلام) بعد العالم في بعض النسخ، وأما ثالثا فلأنه لا يناسب العبارات الآتية إلا بتكلف كما ستعرفه (وقبول ما وسع من الأمر فيه) أي فيما اختلفت الرواية فيه عنهم (عليهم السلام) وفاعل " وسع " بالتشديد ضمير العالم (بقوله) متعلق بوسع (بأيما أخذتم من باب التسليم) للعالم والإنقياد له (وسعكم) أي جاز لكم، وفيه دلالة على أن المكلف مخير في العمل بالروايات المختلفة في زمان الغيبة كما هو مذهب أرباب اصول الفقه وعلى ما جوزه ذلك القائل لا يرتبط هذا الكلام بما قبله إلا بتكلف وهو أن يجعل قوله: " بقوله " متعلقا بالقبول، ومعناه قبول ما وسع ذلك العالم من علماء الامامية وصح له من التحقيق والتوفيق بين الروايات المختلفة بقوله أي بمجرد قوله ورأيه للاعتماد عليه فيما صححه أو رده من الروايات والفتاوي والأحكام ويجعل قوله " بأيما أخذتم - إلى آخره - " مبتدءا وخبرا على سبيل الاستيناف لا مقول القول، يعنى أيما أخذتم به من أقوال ذلك العالم تسليما له وقبولا لقوله جاز لكم العمل به، وهذا التكلف بعينه من غير تفاوت أشار إليه ذلك القائل وهو أعلم بما قال وبما حداه على ذلك. (وقد يسر الله وله الحمد تأليف ما سألت) من الكتاب الكافي الشامل لجميع فنون علم الدين (وأرجو أن يكون بحيث توخيت) أي تحريت وقصدت فمهما كان فيه من تقصير في الجمع والتأليف وذكر ما يحتاج إليه (فلم تقصر نيتنا في إهداء النصيحة) التقصير في الأمر التواني فيه وعدم الاتيان به على وجه الكمال والاهداء الابلاغ والإرسال. والنصيحة فعل شئ الذي به الصلاح ________________________________________