[ 62 ] كارشاد الجاهل وتنبيه الغافل والاعانة على مصالح الدنيا والدين، يعني لو كان فيه تقصير ما لم يكن ذلك لقصور في النية وتوانيها بل بالغت في إبلاغ النصيحة بقدر الوسع والطاقة (إذ كانت) أي النصيحة (واجبة لاخواننا وأهل ملتنا) لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) " لينصح الرجل أخاه كنصيحته لنفسه " (1) وقول الصادق (عليه السلام): " يجب للمؤمن على المؤمن النصيحة " (2) (مع ما رجونا) " ما " مصدرية والظرف حال من فاعل أرجو يعني أن ذلك الرجاء مقرون مع رجاء (أن نكون مشاركين لكل من اقتبس منه) أي استفاد منه علما وهداية (وعمل بما فيه) من الأحكام (في دهرنا) متعلق باقتبس وعمل أو حال عن فاعلهما (وفي غابره) الغابر الماضي والمستقبل وهو من الأضداد والمراد هنا الثاني (الى انقضاء الدنيا) متعلق بالغابر وغاية للاقتباس والعمل فلا ينافي رجاء مشاركة الثواب في الآخرة ولم يذكره لأنه تابع لذلك الرجاء، ثم علل بقاء الاقتباس والعمل إلى انقضاء الدنيا بثلاثة امور، الأول: ما أشار إليه بقوله (إذ الرب عز وجل واحد) لا شريك له فلا يتطرق التغير في تدبيره من جهة الشركة والتنازع، والثاني: ما أشار إليه بقوله (والرسول محمد خاتم النبيين (صلى الله عليه وآله) واحد) لا شريك له في تبليغ الرسالة فلا يتصور فساد الدين من جهة الشركة في الرسالة أيضا. والثالث: ما أشار إليه بقوله (والشريعة واحدة) إذ لا نبي بعده ولا شريعة بعد شريعته فلا يتصور زوال الدين من جهة النسخ أيضا، وبالجملة زوال الدين إما من جهة التنازع التابع للشركة في الرب أو في الرسول أو من جهة النسخ وإذا انتفت هذه الامور بقي الدين إلى قيام الساعة كما أشار بقوله (وحلال محمد حلال، وحرامه حرام إلى يوم القيامة) فإذن كان الاقتباس والعمل بما في هذا الكتاب المشتمل على حلاله وحرامه باقيا إلى يوم القيامة (ووسعنا قليلا) التوسيع خلاف التضييق، تقول وسعت الشئ فاتسع أي صار واسعا و " قليلا " منصوب على المصدر أي توسيعا قليلا (كتاب الحجة) وهو الكتاب الثالث (3) من كتب الكافي سمي به لاشتماله على بيان لزوم الحجة وعدم خلو الأرض منها ما دامت السموات والأرض (وإن لم نكمله) أي كتاب الحجة (على استحقاقه) لأنا لم نذكر جميع ما يتعلق به الأحاديث والأخبار (لأنا كرهنا) تعليل للتوسيع في الحجة (أن نبخس) أي ننقص ونترك (حظوظه كلها) الحظوظ جمع كثرة للحظ وهو النصيب (وأرجو أن يسهل الله عز وجل امضاء ما قدمنا من النية) أي القصد إلى تأليف كتاب الكافي أو إلى توسيع كتاب الحجة قليلا هذا إن كان وضع الخطبة قبل التأليف وإلا فالمراد ________________________________________ 1 - ورواه الكليني - رحمه الله - في باب نصيحة المؤمن من كتاب الايمان والكفر من الكافي تحت رقم 4. 2 - رواه الكليني - رحمه الله - أيضا في الباب المذكور تحت رقم 3. 3 - هذا سهو من الشارح أو تصحيف من النساخ فإن كتاب الحجة هو الكتاب الرابع من الكافي. (*) ________________________________________