[ 40 ] وتعالى من استنقاذ من شاء من خلقه من ملمات الظلم ومغشيات البهم) (1) اللام لتعليل ما تقدم في حقهم: من لطف الله تعالى بهم وإكرامه عليهم وما موصولة والعائد إليه محذوف والملمات جمع الملمة وهي النازلة من نوازل الدنيا وحوادثها، والظلم جمع الظلمة والمراد بها البدعة والفتنة على سبيل الاستعارة وملمات الظلم من باب جرد قطيفة، والغشاوة الغطاء والإغشاء التغطية ومنه قوله تعالى * (فأغشيناهم فهم لا يبصرون) * والبهم جمع البهمة بالضم وهي ما يوقع في الحيرة لعدم معرفة وجهه من قولهم كلام مبهم إذا لم يعرف له وجه، والتركيب أيضا من باب جرد قطيفة يعني فعل الله تعالى في شأن الأئمة ما فعل وأكرمهم بما ذكر وجعلهم هادي الامة لما أراده الله تبارك وتعالى من استنقاذ من شاء من خلقه برحمته ورأفته ونجاتهم بسبب هداية الأئمة وإشراقات أنوارهم من ظلمات البدع والفتن إذا نزلت بهم ومن البهم الموجبة لحيرة عقولهم المغطية لبصائر قلوبهم إذا وردت عليهم ولما حمد الله تعالى على صفاته الذاتية والفعلية التي من جملتها بعث الرسول ونصب الخلفاء، أراد أن يدعو لهم أستعانة بأرواحهم المقدسة المطهرة فيما هو بصدده وامتثالا لقوله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه) *. فقال (وصلى الله) عطف على قوله " الحمد لله " لأنه في قوة الجملة الفعلية أو على قوله " أحمد " (على محمد وأهل بيته) الطاهرين المعصومين جميعا وإن كان أهل البيت يطلق تارة على علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) (الأخيار) جمع الخير بالتشديد إذ الخير بالتخفيف اسم تفضيل لا يثنى ولا يجمع كما بين في موضعه (الذين أذهب الله عنهم الرجس) اللام إما للجنس أو للاستغراق (وطهره تطهيرا) اقتباس لقوله تعالى * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *. * الأصل: " أما بعد فقد فهمت يا أخي ما شكوت من اصطلاح أهل دهرنا على الجهالة وتوازرهم وسعيهم في عمارة طرقها ومباينتهم العلم وأهله، حتى كاد العلم معهم أن يأرز كله وينقطع مواده، لما قد رضوا أن يستندوا إلى الجهل ويضيعوا العلم وأهله. وسألت: هل يسع الناس المقام على الجهالة والتدين بغير علم إذ كانوا داخلين في الدين مقرين بجميع اموره على جهة الاستحسان والنشوء عليه والتقليد للآباء والأسلاف والكبراء والاتكال على عقولهم في دقيق الأشياء وجليلها ؟ فعلم يا أخي رحمك الله إن الله تبارك وتعالى خلق عباده خلقة ________________________________________ 1 - المراد بالمغشيات هنا الشبهات من باب الاستعارة كما أن الغطاء والغشاء مانع من رؤية ما وراه كذلك الشبهات حاجب عن رؤية الحق والطريق المحقق من مرضات الله. (*) ________________________________________