[ 39 ] أسروا وما أعلنوا سواء علمت المصلحة أو لم تعلم، ومن التسليم نقل حديثهم كما سمعوه من غير زيادة ونقصان كما دل عليه رواية أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) (1) (والرد إليهم فيما جهل) أي فيماجهله العبد أو فيما هو مجهول يعني الرجوع إليهم في استعلام المجهولات لا إلى غيرهم قال الله تعالى * (فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) * وبالجملة أوجب الله تعالى علينا التسليم لهم في كل ما علمناه من تعليمهم والرجوع إليهم في كل ما جهلناه لأنهم استادنا وهادينا (2) في ظلمات الطبايع البشرية. (وحظر على غيرهم التهجم على القول بما يجهلون) الحظر المنع ومنه قوله تعالى * (وما كان عطاء ربك محظورا) * وكثيرا ما يرد في الحديث ذكر المحظور ويراد به الحرام، قد حظرت الشئ حرمته وهو راجع إلى المنع، والهجوم الاتيان بغتة والدخول من غير استيذان من باب طلب يعني حرم على غيرهم الدخول على القول بما يجهلون ومنعهم عن الاقدام عليه بمجرد الظن والرأي والقياس بقوله تعالى * (ولا تقف ما ليس لك به علم) * وقوله تعالى * (ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق) * ومثله ما روي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " حق الله على العباد أن يقولوا ما يعلمون ويقفوا عند ما لا يعلمون " (3) وما روي عنه (عليه السلام) أيضا قال لسدير: " يا سدير أفاريكم الصادين عن دين الله ثم نظر إلى أبي حنيفة وسفيان الثوري وهم حلق في المسجد يعني في مسجد الحرام فقال هؤلاء الصادون عن دين الله بلا هدى من الله ولا كتاب مبين، إن هؤلاء الأخابث لو جلسوا في بيوتهم فجال الناس فلم يجدوا أحدا يخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله حتى يأتونا فنخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله (صلى الله عليه وآله) " (4). (ومنعهم جحد ما لا يعلمون) لأن عدم العلم بالشئ ليس علما بعدمه ولا مستلزما له فإنكاره لا يجوز عقلا ولا نقلا لقوله تعالى: * (فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) * وقوله تعالى: * (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله) * (لما أراد تبارك ________________________________________ 1 - سيأتي في باب التسليم وفضل المسلمين تحت رقم 8 حديث عن أحمد بن مهران عن عبد العظيم الحسني عن علي بن اسباط عن علي بن عقبة عن الحكم بن أيمن عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل * (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه إلى آخر الآية) * قال: " هم المسلمون لآل محمد الذين إذا سمعوا الحديث لم يزيدوا فيه ولم ينقصوا منه جاؤا به كما سمعوه ". 2 - كذا في جميع النسخ التي كانت عندنا. 3 - سيأتي في باب النهي عن القول بغير علم تحت رقم 7 من كتاب فرض العلم. 4 - رواه الكليني في كتاب الحجة باب أن الواجب على الناس بعدما يقضون مناسكهم أن يأتوا الإمام. (*) ________________________________________