[ 37 ] فلا يناسب المقام لأنه لازم والمقصود أنهم (عليهم السلام) لم يكونوا مقصورين على العلم بظاهر الشريعة بل أطلعهم الله سبحانه على أسرار مكنونه في لوح التصوير مكتوبة بقلم التقدير، غايبة عن بصائر الخلائق، مستورة عن ضمائر أرباب العلائق والعوائق وهم قد كانوا يظهرون بعضها لبعض إن وجدوه أهلا ويخفونها من غير أهله إذ كانوا أطباء النفوس يتكلمون الناس بقدر عقولهم ومن ثم قال سيد الوصيين أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد أشار بيده إلى صدره " إن ههنا لعلوما جمة لو وجدت لها أهلا ". * الأصل: " كلما مضى منهم إمام نصب لخلقه من عقبه إماما بينا، وهاديا نيرا. وإماما قيما، يهدون بالحق وبه يعدلون، حجج الله ودعاته ورعاته على خلقه، يدين بهديهم العباد، ويستهل بنورهم البلاد، وجعلهم الله حياة للأنام ومصابيح للظلام ومفاتيح للكلام ودعائم للاسلام وجعل نظام طاعته وتمام فرضه التسليم لهم فيما علم والرد إليهم فيما جهل، وحظر على غيرهم التهجم على القول بما يجهلون ومنعهم جحد ما لا يعلمون، لما أراد تبارك وتعالى من استنقاذ من شاء من خلقه، من ملمات الظلم ومغشيات البهم وصلى الله على محمد وأهل بيته الأخيار الذين أذهب الله عنهم الرجس [ أهل البيت ] وطهرهم تطهيرا ". * الشرح: (كلما مضى منهم إمام نصب) فاعله ضمير يعود إلى الله أو إلى الإمام، ولا تفاوت في المعنى لأن الإمامة عهد من الله ورسوله لرجل بعد رجل حتى ينتهى الأمر إلى صاحبه (لخلقه من عقبه إماما) " من " جارة أو موصولة " وإماما " على الأول مفعول " نصب " وعلى الثاني حال عن الموصول وذلك لاستحالة خلو الأرض من حجة وإلا لساخت بأهلها (بينا) في العلم والحلم والإمامة لظهور الآيات والكرامات منه مقرونا بدعوى الإمامة (وهاديا) للقرن الذي هو فيهم إلى الدين القويم والصراط المستقيم (نيرا) كالشمس الطالعة المجللة بنورها للعالم، إذ بنوره يضئ قلوب المؤمنين ويرتفع عنها ظلمة الجهالة والغواية، كما أن بنور الشمس يضئ وجوه الأرضين ويرتفع عن الأبصار ظلمة الغطاء والغشاوة (وإماما قيما) أي مستقيما في أفعاله وأعماله وسائر الحالات الكاملة المطلوبة من الإنسان، من قومت الشئ فهو قويم أي مستقيم أو قيما بأمر الإمامة من قام بأمر كذا (يهدون بالحق) " يهدون " حال عن الأئمة و " بالحق " ظرف مستقر حال عن ضمير الجمع أي يهدون الناس حال كونهم متلبسين بالحق، أو ظرف لغو أي يهدونهم بكلمة الحق ويدلونهم على الاستقامة ويرشدونهم إليها (وبه يعدلون) بينهم في الأحكام. ________________________________________