[ 36 ] ظهر وبان، وأوضحته أي أظهرته وتعديته بعن للمبالغة (وأبلج بهم عن سبيل مناهجه) بلج الصبح يبلج بالضم بلوجا إذا أشرق وأضاء وكذا الحق إذا اتضح، وأبلجه إذا أظهره وأوضحه و " عن " زائدة للمبالغة في الربط والايصال ومناهجه كل ما يتقرب به إليه سبحانه من العلوم الكاملة والأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة، وسبيلها دلائلها، يعني أضاء بأنوار أئمة الهدى وإشراقاتهم سبيل هذه الامور الموصلة إلى جناب الحق الموجبة للتقرب به، وأوضح دلائلها (وفتح بهم عن باطن ينابيع علمه) الينابيع جميع ينبوع وهي عين الماء، وهذا الكلام إما على سبيل الاستعارة المكنية والتخييلية. بتشبيه العلم بالماء، وإثبات الينابيع له، أو من قبيل لجين الماء، وفي لفظ الباطن إشارة إلى علمهم بالأسرار الالهية والعلوم الغيبية اللدنية المشار إليها بقوله تعالى: * (عالم الغيب والشهادة فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول) * أو إلى علمهم بباطن القرآن ومتشابهاته على أن يكون المراد بالينابيع الآيات القرآنية. (وجعلهم مسالك لمعرفته) لكل مطلوب طريق ومسلك من سلكه وصل إليه وهم (عليهم السلام) طرق معرفة الله بما يليق به ومسالكها بأمر الله عز شأنه ومن رجع إليهم يتنور ذهنه بنور المعرفة وضوء الايمان ومن أعرض عنهم يتحير قلبه في تيه الجهالة وظلمة الكفران. (ومعالم لدينه) الناس بتعليمهم يعلمون أطوار الطريقة وبتفهيمهم يفهمون أسرار الشريعة (وحجابا بينه وبين خلقه) الحجاب بالضم والتشديد جمع حاجب السلطان وهو الذي يمنع من شاء من الدخول عليه ويأذن من شاء ولا يمكن الوصول إلا بالرجوع إليه والتمسك به وهم (عليهم السلام) كذلك بالنسبة إلى السلطان الأعظم جل شأنه (والباب المؤدي إلى معرفة حقه) الباب جنس يصدق على الكثير وبهذا الإعتبار صح حمله على الجمع. وتوضيح المرام في هذا المقام: أن حقوق الله على عباده كثيرة وهي مدينة ليس فيها إلا الحق ولا يدخلها إلا أهل الحق، وتلك الحقوق أشرف وأعظم من أن ينالها العقول البشرية بذاتها ويدركها باستقلالها، لخفاء طرقها ودقة مسالكها فربما يقع في الخيال مثلا التماثل بينه تعالى وبين المخلوقات ويجري عليه أحكام الأجسام والجسمانيات كما ترى في كثير من المبتدعة، ولذلك جعل الله تعالى نبيه (صلى الله عليه وآله) مدينة تلك الحقوق وعليا وأوصياءه (عليهم السلام) بابها كما يدل عليه " أنا مدينة العلم وعلي بابها " وهو في الحقيقة باب الجنة وباب الرحمة وباب السعادة، فمن عكف على سدنته فقد رشد، ومن أعرض عنه فقد هلك وقد فسد. (أطلعهم على المكنون من غيب سره) أطلعهم إما بتخفيف الطاء من قولك أطلعت على سري إذا أظهرته له ووقفته عليه، وإما بتشديدها من قولك اطلعت على باطن أمره بمعنى أشرفت عليه، ________________________________________