[ 293 ] خطيبا فقال: يا بني إسرائيل لا تحدثوا الجهال بالحكمة فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم " (1) وينبغي أن يعلم أن المراد بالعباد أكثرهم فانا نعلم قطعا أن عليا (عليه السلام) نفسه المقدسة كما دلت عليه آية المباهلة وغيرها من الروايات وأنه كلمه وعلمه بكنه ما عقله مما هو كائن ويكون في الدنيا والآخرة. (وقال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) إنما معاشر الأنبياء) أي جماعاتهم جمع معشر وهي الجماعة (امرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم) أي على قدر ما يدركه عقولهم من المعارف والحقايق وغيرها لأن الحكيم النحرير يراعي في تعليم العقول الناقصة المتحيرة في تيه الضلالة والنفوس المنكدرة برين الغواية وغين الجهالة وتأديبها بمحاسن الآداب ومكارم الأخلاق والفضائل وتخليصها عن غواشي الأوهام ومساوي العيوب والرذايل وما يناسبها ويبلغ إليه فهمها وينتهى إليه دركها (2) وقد يلبس المطالب بكسوة الأمثال لعلهم يفهمون كما قال سبحانه * (وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون) * وبالجملة الناس أطفال وعقولهم غير بالغة وهو (صلى الله عليه وآله) معلم والمعلم الرباني لا يعلم ________________________________________ = قال - والثانية ملحدة هذه المتفلسفة وهمجهم - إلى أن قال - فإن أذعت هذا العلم أو أضعته فالله بيني وبينك وكفى بالله وكيلا (ش). 1 - سيأتي في كتاب العلم باب بذل العلم تحت رقم 4. 2 - يدرك أرباب العقول الكاملة فضلا عن الانبياء أمورا لا يمكن تعليمها لعامة الناس بوجه أصلا لعدم استعدادهم لفهمها فيجب عليهم تخصيص تعليمها بمن يجدون فيه استعدادا تاما ويدركون أيضا أمورا يمكن تعليمه للناس في صورة مثل وتعبير قريب إلى أذهانهم وأعظم الافات للعامة تمكن العادات ومغالطة الاوهام وعدم تدربهم في فك العقل عن الوهم ولكل شئ في ذهنهم لوازم غير مترتبة عليه واقعا ولا يتوقع منهم ما يعسر على المتدربين في العقليات مثلا الفرق بين الحدوث الزماني والحدوث الذاتي والفاعل بالاختيار والعلة التامة، فإنهم رأوا كل علة تامة فاعلا غير مختار كالنار للحرق والشمس للنور ورأوا كل فاعل مختار علة ناقصة كالانسان وإذا قيل لهم إن الله فاعل مختار ذهب ذهنهم إلى أنه تعالى علة ناقصة وإذا قيل إنه تعالى علة تامة ذهب ذهنهم إلى أن فاعل لا بالاختيار ويشمئزون من كلا الحكمين ولا يسهل عليهم الجمع بينهما ولا يمكن أيضا أن يفهم العامة معنى قول العلامة الحلي (رحمه الله) في شرح التجريد إن إعادة المعدوم ممتنعة ويذهب ذهنهم إلى إنكار المعاد وكذلك قوله إن احتياج الممكن إلى الواجب لإمكانه لا لحدوثه وقولهم المحال غير مقدور ولا يعرف الناس معنى المحال ولا يفرقون بين المحال العادي والعقلي بل ولا بين النادر الوقوع والمحال العادي أيضا ويظنون مثل شق القمر والمعراج محالا وقد ورد أن المرأة تحتلم ولكن لا تحدثوهن ولو كان احتلامهن عادة كالرجل وجب تعليمهن لوجوب الغسل والصلاة عليهن ولكن منعوا (عليهم السلام) من تعليمهن لأن ذلك أمر نادر فإذا حدثن بذلك ذهبت أوهامهن إلى أن ذلك عادة مستمرة لهن فيغتسلن لكل رطوبة لزجة في مفاسد اخر وكثير من مسائل الفقه مما يذهب ذهنهم من جوابها إلى أمور باطلة وان كان الجواب صحيحا وإن أفتيت بولاية الجائر ذهبت أوهامهم إلى تجويز كل ظلم أو تجويز الصفق ذهبت إلى كل منكر وفحشاء وهكذا. (ش) (*) ________________________________________