[ 292 ] لأمرين أحدهما أنه إذا حصلت معرفة العقل وجنوده حصلت معرفة الجهل وجنوده بالمقابلة لأن كل ما ليس عقلا وجنوده فهو جهل وجنوده في حالات الإنسان، وثانيهما أن المقصود الاهم هو مجانبة الجهل وجنوده لأنه الغالب في الأكثر والموافق للنفوس البشرية (وفقنا الله وإياكم لطاعته ومرضاته) الرضوان بالضم والكسر والرضى والمرضاة بمعنى واحد وهذا من كلام الصادق (عليه السلام) ودعاء لنفسه ولمن كان حاضرا عنده من مواليه، ولمن غاب عنه ولمن يوجد إلى يوم القيامة من باب تغليب الحاضر على الغائب، وفيه تنبيه على أنه لابد لطالب الخير من الالتجاء إليه سبحانه وطلب التوفيق منه إذ بيده الخير وهو على كل شئ قدير ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. * الأصل: 15 - " جماعة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي ابن فضال، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما كلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) العباد بكنه عقله قط، وقال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنا معاشر الأنبياء امرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم ". * الشرح: (جماعة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما كلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) العباد بكنه عقله قط) كنه الشئ نهايته يقال " أعرفه كنه المعرفة أي نهايتها ولا يشتق منه فعل وقولهم لا يكتنهه الوصف بمعنى لا يبلغ كنهه كلام مولد وقد يكون كنه الشئ حقيقته التي هو بها هو، وفيه إشارة إلى كمال عقله (صلى الله عليه وآله) فانه نور رباني لا يدانيه شئ من العقول إذ كما أن الأنوار متفاوتة فنور الشمس والقمر والكواكب والمصباح واليراعة بعضها فوق بعض لا يكون اللاحق مثل السابق، فكذلك العقول متفاوتة في الدرجات والمراتب وعقله (عليه السلام) أعلى الدرجات الممكنة وأقصى المراتب المتصورة وهو مظهر للحقايق والمعارف الإلهية ومعدن للأسرار والمعلوم الربانية ومدرك لما يعجز عن إدراكه عقول البشر ويقف دون الوصول إليه الفكر والنظر فلذلك ما كلم العباد أبدا بحقيقة ما عرفه ونهاية ما بلغه وكيفية ما عقله لئلا يقعوا في الحيرة وقد بعث لازاحتها وارسل لازالتها، ولأن الغرض من الكلام إنما هو الافهام والمخاطب إذ الم يفهم كان ذلك عبثا والحكيم لا يبعث. ولذلك كانت الحكماء يوصفون بضنة الحكمة عن غير أهلها " (1) ومن هذا القبيل ما روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال " قام عيسى ابن مريم ________________________________________ 1 - قال الشيخ الرئيس أبو علي بن سينا في أول كتاب الاشارات: وأنا أعيد وصيتي وأكرر التماسي أن يضن بما يشتمل عليه هذه الاجزاء كل الضن على من لا يوجد فيه ما اشترطه في آخر هذه الاشارات، ومنع في آخر الكتاب من تعليم الحكمة لطائفتين الأولى الجاهلين المبتذلين ومن لم يرزق الفطنة الوقادة - إلى آخر ما = (*) ________________________________________