[ 291 ] أذهانهم ويرتفع درجتهم وذلك متفاوت في الكم والكيف والعدد على تفاوت أنحاء التركيبات الغير المحصورة المتصورة فيها ولذلك لا تجد اثنين منهم متفقين في خصلة واحدة لا توجد فيها تفاوت، وإنما قال: " من موالينا " فان غيرهم قد يخلو من جميع هذه الخصال ويكون قلبه معسكر الجهل وجنوده كلها وفي أطرافه وثغوره حراس بحيث لا يجد العقل إليه دليلا ولا إلى أستطلاع حاله سبيلا كما قال الله تعالى: * (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب أليم) * وقد يوجد في بعضهم بعض جنود العقل كالسخاء ونحوه ولكن لا ينفعه لفقده ما هو أعظم منه وأصل للجميع أعني الايمان الذي هو موجب للرحمة والدخول في الجنة فهو دائما في الدرجة السفلى محشورة مع الشياطين. (حتى يستكمل وينقى من جنود الجهل) وذلك الاستكمال أمر ممن لأنه لما بنى دينه على أصل متين وأمر يقين وحصل له بعض الخصال المرضية والأنوار العقلية أمكن له تكميل ذاته بسائر الخصال النورانية والعروج إلى أعلى مدارج الكمال بجذبة من الجذبات الربانية وتنقيته بهمة صادقة ونية خالصة وقدم ثابتة من جنود العقل وأعوانه وذلك بأن يكون متيقظا في جميع الأوقات ومراعيا لحاله في جميع الحالات ويختار من الأعمال والعقائد والصفات ما هو في الشرع أحكم وأتقن، وعند العقل أفضل وأحسن فينظر مثلا إلى الصلة والسخاء ومنافعهما وإلى القطيعة والبخل ومضارهما ويختار الأولين على الأخيرين وكذا دائما (فعند ذلك يكون في الدرجة العليا مع الأنبياء والأوصياء) وحسن أولئك رفيقا وإنما لم يذكر المؤمن الممتحن إما للاقتصار أو للاشارة إلى أن هذا المستكمل هو ذلك المؤمن (وإنما يدرك ذلك) أي الاستكمال بجميع تلك الخصال أو الكون في الدرجة العليا مع الأنبياء والأوصياء والأول أولى لفظا ومعنى (بمعرفة العقل وجنوده ومجانبة الجهل وجنوده) وجه الحصر ظاهر لأن العمل بشئ متوقف على العلم به، ولأن التمييز بين الحق والباطل متوقف على العلم بكون هذا حقا وذاك باطلا، وإنما لم يقل وبمعرفة الجهل وجنوده كما قال في الأول ________________________________________ = مجهول لا يعرف ونكرة لا تتعرف عن أبي جعفر المنصور وأبي عبد الله (عليه السلام) نظير ما نقل هذا القائل عن عبد الملك وزين العابدين (عليه السلام) وكذا عن رجل آخر مرسلا عن المهدي ولا حجة في هذه أصلا وأما عبد الملك بن مروان فلم يزد في المسجد الحرام شيئا على ما صرح به المؤرخون كالطبري والكامل والمعتنون بتاريخ مكة والكعبة كالازرقي والفاكهي والفاسي في شفاء الغرام وصاحب كتاب الاعلام بإعلام بيت الله الحرام ولا ريب أن جميع حوادث مكة المشرفة مضبوطة حتى إنهم ذكروا عدد السيول التي جرت والسنين التي وقعت فيها والقحط والغلا في كل سنة حدثت فضلا عن ولاتها وعمارة المسجد وغير ذلك وأصل الحكاية فرية بلا مرية. نظير ما ادعاه من ترويج المتوكل مذهب الاشعري وكان متأخرا عنه بمائة سنة (ش). (*) ________________________________________