[ 372 ] لكل أحد حتى الانبياء والاوصياء الذين غاية هممهم ترك الدنيا والتوجه إلى المولى وهو المعين للبقاء والعبادة (ودنيا ملعونة) وهي الزائدة عن قدر الحاجة أو الحاصلة من طريق الحرام أو الداعية للنفس إلى الطغيان والقلب إلى العصيان وأهلها إلى الخذلان وتعلق اللعن بها باعتبار بأهلها أو باعتبار أنها بعيدة عن الخير. * الأصل 12 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن في طلب الدنيا إضرارا بالأخرة وفي طلب الآخرة إضرارا بالدنيا، فأضروا بالدنيا فإنها أولى بالإضرار. * الشرح قوله (إن في طلب الدنيا أضرارا بالآخرة) لأن توجه الظاهر والباطن إليها وصرف الفكر فيها وفي كيفية تحصيلها وحفظها وإرسال القوة الشهوية والغضبية إلى الجلب والدفع ينافي طلب الآخرة والتوجه إليها ويفهم منه أن المذموم من الدنيا ما يضر بأمر الأخرة، وأما ما لا يضر به كقدر الحاجة في البقاء والتعيش فليس بمذموم بل ممدوح. * الأصل 13 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي عبيدة الحذاء قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): حدثني بما أنتفع به فقال: يا أبا عبيدة أكثر ذكر الموت، فإنه لم يكثر إنسان ذكر الموت إلا زهد في الدنيا. * الشرح قوله (أكثر ذكر الموت فإنه لم يكثر إنسان ذكر الموت إلا زهد في الدنيا) لأن أكثار ذكر الموت وما يلحق الإنسان بعده مع قلب حاضر من أشد الجواذب عن الدنيا إلى الله، وفيه تنفير عن محبة الدنيا للاشتغال بالعمل للأخرة وإنما قلنا مع قلب حاضر لأن أكثر أهل الدنيا يذكرون الموت ويمشون خلق الجنائز ويشاهدون مسكن الموتى ولا تتأثر قلوبهم لاشتغالها بامر الدنيا وتكدرها بفكر زهراتها حتى صارت مظلمة لا يستقر فيها الحق وحقيقة الموت وما بعده وهكذا حال جميع العبادات فإنها ما لم تقترن بحضور القلب لا يحصل منها الأثر المقصود وهو قرب الحق ومشاهدة جلاله والوصول إلى حقيقة كمال الإنسان. * الأصل 14 - عنه، عن علي بن الحكم، عن عمر بن أبان، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (صلى الله عليه وآله وسلم): ملك ينادي ________________________________________