[ 371 ] وحب العلو والثروة، فصرن سبع خصال، فاجتمعن كلهن في حب الدنيا، فقال الأنبياء والعلماء بعد معرفة ذلك: حب الدنيا رأس كل خطيئة، والدنيا ديناء أن دنيا بلاغ ودنيا ملعونة. * الشرح قوله (وإن لذلك لشعبا كثيرة وللمعاصي شعبا) شعب الزهد أضداد شعب المصعية اعني التواضع وهو ضد الكبر والقنوع وهو ضد الحرص والرضا بما آتاه الله وهو ضد الحسد والمذكورات من باب التمثيل وإلا فجنود العقل كلها شعب الزهد وجنود الجله كلها شعب المعصية (والحرص وهي معصية آدم) قال الله تعالى * (وعصى آدم ربه فغوى " قال من نزه الأنبياء عن الذنوب: أن النهي عن تناول الشجرة نهي تنزيه لا تحريم فيكون التناول ترك أولى وأفضل. وأورد عليهم بأن اطلاق اسم العاصي على آدم بهذا الاعتبار يوجب أن يوصف الأنبياء (عليهم السلام) بأنهم عصاة إذ لا يكاد انفكاكهم عن ارتكاب مثل هذا المعنى. واجيب بأن اسم العاصى على آدم بهذا المعنى مجاز والمجاز لا يقاس عليه ولا يتعدى عن موضعه وعلى تقدير جواز القياس عليه بطلان الثاني ممنوع إذ لا محذور في أطلاق اسم العاصي عليهم بهذا الاعتبار (فدخل ذلك) أي الحرص وأخذ مالا حاجة به (وذلك أن أكثر ما يطلب ابن آدم) إنما قال أكثر لأن قدر الكفاف لابد منه وتحصيله عبادة لإحتياج قوام البدن وفعل الطاعات عليه (فتشعب من ذلك) أي من ذلك المذكور وهو الكبر والحرص والحسد وتخصيص الإشارة بالحسد بعيد بحسب المعنى وإن كان قريبا بحسب اللفظ (فصرن سبع خصال) أي فصارت شعب المعاصي المذكورة وهي الكبر والحصر الحسد (كلهن في حب الدنيا) والظرفية باعتبار الأكثر والافحب الدنيا ليس في حب الدنيا (فقال الأنبياء والعلماء) المراد بهم الأوصياء أو الاعم (بعد معرفة ذلك) وهو أن المعاصي والخصال الذميمة كلها في حب الدنيا و (حب الدنيا رأس كل خطيئة) هذا الكلام على سبيل الحقيقة دون المجاز والمبالغة لأن كل خطيئة تابعة لحب الدنيا منبعثة منها لأن الدنيا طريق الهوى وسبيل المنى إلى الشهوات الحاضرة الخيالية واللذات العاجلة الاعتبارية التي منها الكبر والحرص والحسد وحب النساء وغيرها من الخصال المذكورة وغير المذكورة من متعلقات الهوى والمعنى رسما وعادة، وهذه الامور لا تتحصل إلا باستعمال القوة الاشهوية الجالبة والقوة الغضبية الدافعة للموانع منها ويتولد منهما مفاسد كثيرة غيرة محصورة ومن ههنا علم أن كل خطيئة تنبعث من حب الدنيا وتتفاوت باعتبار التفاوت في حبها فمن ترك حبها صار خالصا لمولاه ومن احبها صار عبدا لدنيا ثم أشار إلى أن الدنيا مطلقا ليس بمذمومة بقوله (والدنيا دنياء أن دنيا بلاغ) وهو قدر الكفاف من طريق الحلال وهذا القدر لا بد ________________________________________