[ 370 ] عن الخبائث النفسانية والرذانل الشيطانية والقيودات الدنيوية والتعلقات البشرية والطبيعية واتصف بالكمالات الروحانية والصفات الشريفة الربانية تذكر مكانه الأصلي وقطع يده عن الاسباب وتعلق برب الأرباب فينكشف عنه الحجاب فضاقت به الأرض فيضطرب ويستوحش منها ولا يستقر حتى يسمو ويرتفع من هذا العالم إلى العالم الأعلى ويتشرف بقرب المولى، وإن شئت زيادة توضيح فنقول لما كانت الأرض أعظم أجزاء الإنسان وكانت قواه الظاهرة والباطنة مائلة إليها بالطبع لكمال النسبة بينهما كانت الدواعى إلى زهراتها حاضرة والبواعث إلى لذالتها ظاهرة فربما يشتغل بها ويكتسب الأخلاق والأعمال الفاسدة لتحصيل المقاصد حتى تصير النفس تابعة لها راضية بأثرها مشعوفة بعملها منكدرة بالشهوات منغمسة في اللذات فتحب الاستقرار في الأرض وتركن إليها، وأما إذا منعت تلك القوى عن مقتضاها وصرفتها عن هواها وروضتها بمقامع الشريعة وادبتها بأداب الطريقة حتى غلبت عليها وصفت عن كدوراتها وظهرت عن خبائث لذاته وتخلصت من قيوداتها وتحلت بالأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة والاداب الرفيعة والاطوار المرضية ضاقت بها الأرض حتى تسمو إلى عالم النور والروحانية فتشاهد عالم الأعلى بالعيان وتنظر إلى الحق بعين العرفان ويزداد لها نور الإيمان والإيقان فتعاف جملة الدنيا والاستقرار في الأرض فبدنها في هذه الدنيا وهي في عالم الأعلى. وفيه ترغيب للعقلاء في ترك الدنيا وتحريك لهم إلى ترك الطباع ورسوم العادات وزجر لنفوسهم عن الفضول والمنهيات لتصفو بذلك عن الرذائل الناسوتية وتتصل بالحق وتشاهد الأسرار اللاهوتية وهو غاية مقصد الإنسان ونهاية مطلب أهل العرفان. * الأصل 11 - علي [ عن أبيه ]، عن علي بن محمد القاساني، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن عبد الرزاق بن همام، عن معمر بن راشد، عن الزهري، عن محمد بن مسلم بن شهاب قال: سئل علي بن الحسين (عليهما السلام) أي الأعمال أفضل عند الله عز وجل ؟ فقال: ما من عمل بعد معرفة الله جل وعز ومعرفة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) أفضل من بغض الدنيا وإن لذلك لشعبا كثيرة وللمعاصي شعبا، فأول ما عصي الله به الكبر وهي معصية إبليس حين أبي واستكبر وكان من الكافرين، والحرص وهي معصية آدم وحواء حين قال الله عز وجل لهما: * (كلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين) * فأخذا مالا حاجة بهما إليه فدخل ذلك على ذريتهما إلى يوم القيامة وذلك أن أكثر ما يطلب ابن آدم مالا حاجة به إليه، ثم الحسد وهي معصية ابن آدم حيث حسد أخاه فقتله، فتشعب من ذلك حب النساء وحب الدنيا وحب الرئاسة وحب الراحة وحب الكلام ________________________________________