[ 364 ] الممتلية بالإخلاط الفاسدة ولذلك ترى كثيرا من الذاكرين والعابدين لا يجدون من السعادة إلا إسما ولا يعلمون من المعرفة إلا رسما وهم عن قرب الحق محرومون وعن ساحة أسراره مطرودون. * الأصل 6 - علي، عن أبيه، عن إبن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن علامة الراغب في ثواب الاخرة زهده في عاجل زهرة الدنيا، أما إن الزاهد في الدنيا لا ينقصه مما قسم الله عز وجل له فيها وإن زهد، وإن حرص الحريص على عاجل زهرة [ الحياة ] الدنيا لا يزيده فيها وإن حرص، فالمغبون من حرم حظه من الاخرة. * الشرح قوله (علامة الراغب في ثواب الاخرة زهده في عاجل زهرة الدنيا) لكل حق علامة دالة عليه وعلامة من رغب في ثواب الاخرة الذي أعظمه قرب الحق زهده في زهرة الدنيا لأنها ينافيه ومن رغب في شئ يترك ما ينافيه بالضرورة ويطلب ما يحقق حصوله فمن إدعى الرغبة في ثواب الاخرة وهو راغب في الدنيا فهو كاذب وإنما أقحم لفظ العاجل لأن زهرة الدنيا المتعلقة بالأجل والاخرة كقدر ما يحتاج إليه الإنسان في تحصيل ما ينفع الاخرة لا ينافي الرغبة في ثوابها بل معين لحصوله والمراد بزهرة الدنيا متاعها تشبيها له بزهرة النبات لحسنها في أعين الناس، ثم حث على الزهد وترك الحرص والإجتهاد والرغبة في الدنيا على وجه المبالغة للتنبيه والتأكيد بالتكرير وغيره بقوله (أما إن زهد الزاهد في هذه الدنيا) الإشارة للتحقير (لا ينقصه مما قسم الله عز وجل له فيها وإن زهد) كيف وقد قال الله تعالى * (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه " فالزهد باعث لوصول القسم والرزق لامانع له (وإن حرص الحريص على عاجل زهرة الدنيا لا يزيده فيها وإن حرص) لأن قسمه من الدنيا ما يحتاج إليه في بقائه والزائد عليه على تقدير حصوله بالحرص ليس قسما له بل لغيره والحاصل القسم وعدم وصوله منوط بالتقدير والمشية فما قدر قمسا له يأتيه وإن زهد وما لم يقدر قسما له لايأيته وإن حرص، ولا ينافي هذا قوله تعالى * (ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها وماله في الاخرة من نصيب " إذ لا دلالة فيه على أن جميع ما أتاه قسم ورزق (فالمغبون من حرم حظه من الاخرة) هذا كالنتيجة للسابق وتعريف المبتداء باللام دل على إنحصار الغبن فيه لما عرفت من أن قسم كل أحد يأتيه زهد أو حرص فلا غبن فيه، وإنما الغبن في فقد النصيب في الاخرة بترك العمل له. * الأصل 7 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى الخثعمي، عن طلحة بن زيد، عن أبي ________________________________________