[ 287 ] من الفضائل النفسانية مثل التحمل والتواضع والرقة والحياء والرفق والصبر والوقار والورع والعفو والمروءة والسماحة والمسامحة والصداقة والوفاء والشفقة والتودد إلى غير ذلك من الامور المعلومة لمن تأمل في فضائل النفس، وكونها من صفات العاقل ظاهر لأن هذه الامور المذكورة لا يتصف بها إلا عاقل راض نفسه في ميدان المجاهدة، ولأنه يعلم بشروق عقله أنه يحتاج في غذائه ولباسه ومسكنه ودفع أعدائه وتحصيل أمر الآخرة وترويج الشريعة إلى التناصر والتعاون والتعاضد وكل ذلك متوقف على الالفة، والفرقة من أخس صفات الجاهل لاتصافه برذايل نفسانية مؤدية إليها أو لأنه لظلمة قلبه لا يراعي عواقب الامور ومدى نظره إنما هو جلب منفعة حاضرة ودفع كل ما هو عائق عنها ولو بسفك الدماء كما هو المشاهد من أبناء الزمان ولا ريب في أن ذلك موجب للمعاندة والمفارقة ويحتمل أن يراد بالالفة الالفة بأهل البيت (عليهم السلام)، وبالفرقة التباعد عنهم، وقيل: الوجه في كون الالفة من عالم الوحدة والجمعية، والجهل صفة النفوس المتعلقة بالأجسام وصورها التي وجودها عين قبول الانقسام والافتراق ووحدتها عين كثرة ووصلتها عين انفصال ومباينة فكل واحد من ذوي النفوس الجزئية قبل أن يستكمل ذاته عقلا بالفعل لا يحب إلا نفسه بل يعادي غيره ويحسده على ما آتاه الله من فضله فإذا أحب بعضهم بعضا فإنما أحبه ليتوسل به إلى هواه وشهوته فما أحب إلا نفسه ولذلك إذا ارتفعت الأغراض والأعواض بينهم كما في الآخرة رجعوا إلى ما كانوا عليه من الفرقة والعداوة كما في قوله تعالى * (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) *. (والسخا وضده البخل) السخاء في اللغة الجود يقال: سخا يسخو إذا جاد بماله، وسخو الرجل بالضم يسخو سخاوة أو صار سخيا، وفي الاصطلاح ملكة توجب إنفاق الأموال وساير المقتنيات في موضعه على قدر لابد منه بسهولة ومن شرايطه أن يأخذ الشئ من موضعه ويضعه في موضعه فلو صرف الحرام في المستحقين أو صرف الحلال في غيرهم لا يكون سخيا ولا يستحق بذلك ثوابا وتلك الملكة خلقية في الأكثر وقد تكون كسبية حاصلة بكثرة الإعطاء ومزاولة الجود، فإن غير الطبيعي قد يصير طبيعيا بالممارسة وهي فضيلة نفسانية مندرجة تحت العفة التي هي الاعتدال في القوة الشهوية، ويندرج تحت السخا كثير من الملكات والفضائل، منها الكرم وهو أن يسهل على النفس إنفاق الكثير فيما نفعه عام على وجه يقتضيه المصلحة، ومنها الإيثار وهو أن يسهل عليها صرف ما يحتاج إليه في الفقراء والمساكين، ومنها المواساة وهي أن يسهل عليها تشريك المستحقين في ماله وأسبابه، ومنها المسامحة وهي أن يسهل عليها ترك ما لا يجب عليها تركه، ومنها العفو وهو أن يسهل عليها ترك المجازاة بالظلم مع القدرة، ومنها المرؤة وهي أن يكون لها رغبة صادقة على التحلي بحلية البذل وإعطاء ما ينبغي، ومنها النيل وهو أن يكون لها ابتهاج بمداومة الأفعال الحسنة ________________________________________