[ 334 ] ولعل المراد تعالى يعلم أن صلا العبادة في أمرين وأنه لوكفهم بهما دفعة وفي زمان واحد ثقل ذلك عليهم وضعفوا عن تحملهما فمن رفقه بهم أن يأمرهم بأحدهما ويدعهم عليه حينا، ثم إذا أراد ازالتهم عنه نسخ الأمر الأول بالأمر الآخر ليفوزوا بالمصلحتين وهذا وجه آخر للنسخ غير ما هو المعروف من اختصاص كل أمر بوقت دون آخر والله أعلم. * الأصل 4 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن معاوية بن وهب عن معاذ بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (عليه السلام): الرفق يمن والخرق شوم. * الشرح قوله (الرفق يمن والخرق شوم (1) بالبناء للمفعول فهو ميمون ويمنه الله ييمنه يمنا من باب قتل إذا جعله مباركا، والخرق بالضم والسكون، اسم ضد الرفق يقال خرق خرقا إذا عمل شيئا فلم يرفق فيه فهو أخرق والانثى خرقاء مثل أحمر وحمراء وقد يفسر الخرق بالجهل لأنه ينشأ منه والشوم ضد اليمن ورجل مشوم أي شرير غير مبارك، وإنما كان الرفق يمنا لأنه منشأ لصحة النظام وسبب للخيرات وكل ذلك مبارك والخرق عكس ذل، فهو غير مبارك. * الأصل 5 - عنه، عن ابن محبوب عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق مالا يعطي على العنف. * الشرح قوله (ويعطى على الرفق ما لا يعطى على العنف) أي يعطي على الرفق في الدنيا من الثناء الجميل وفي الآخرة من الثواب الجزيل (2) ________________________________________ 1 - " والخرق شوم " الخرق أيضا طيش وغضب وتسرع إلى الشر وهي من ولوازم القوة والواهمة وادارك مصاديق المعاني الجزئية وهي جسمانية بدليل أن غير العاقل يسترسل فيما يقتضيه هذه الحالات قهرا جبرا وقلنا أن الجسمانيات تترتب على أسبابها قهرا ولو لو كان العقل أيضا جسمانيا كان ترتب مقتضاه أيضا قهريا. (ش) 2 - قوه " وفي الآخرة من الثواب الجزيل " أصل الرفق ملكة تبقى مع بقاء النفس وهكذا كل ملكة لا يتوقف على آلة جسمانية مثلا ملكة الكتابة والنطق باليد واللسان لا تبقى عند زوال اليد واللسان وأما ملكة الإيمان والتقوى من صفات النفس لا باعتبار تعلقها فتبقى معها لعدم توقفها على الالات البدنية وسيجئ إن شاء الله اثبات بقاء النفس المجردة بملكاتها في موضع أليق. (ش) (*) ________________________________________