[ 281 ] والاضطراب لأمر يسير والتزلزل لشئ حقير من صفات الجاهل لأن قلبه سخيف وعقله خفيف ولبه في تيه الجاهلة حاير كأنه موضوع على جناح طاير فيتحرك ويضطرب دائما وذلك يثير الفتنة العظمى والبلية الكبرى، ويسومه سوء العذاب، ويورده في مورد العتاب، ويخلع عنه لباس الكرامة، ويجره إلى ذل المهانة في الدنيا والآخرة. (والسعادة وضدها الشقاوة) قال الله تعالى * (فمنهم شقي وسعيد فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ) * والسعيد الحقيقي من آمن وصدق بالله وملائكته ورسله إيمانا لا يفوته عمل ولا يشوبه دغل ولا ينوبه زلل ولا يعرضه خلل وتصديقا يقوي به عقله على التحرز من المكائد الشيطانية والوساوس النفسانية واللذات الجسمانية ويستعد به ذهنه لشروق أنوار المعارف الآلهية وبروق مكارم الأخلاق الربانية بحيث ينظر بعين التفكر في ملك الأرضين وملكوت السموات، ويرى الحق بعين البصيرة في عجائب المخلوقات وبدايع المصنوعات ويرتوي من زلال عيون الكمالات ويخلع عن نفسه لباس الشهوات ويجتنب من هموم الدنيا وعلائق حالاتها ويتوجه إلى أمر الآخرة وشواهق مقاماتها فيصير نورا في نفسه ومصباحا لغيره ذلك فضل الله سبحانه على عباده المرسلين والأئمة الطاهرين ومن اقتفى آثارهم من العباد الصالحين، والشقي الحقيقي من كفر بالامور المذكورة ووقع في مهاوي الضلالة ومهالك الغواية وبينهما مراتب متفاوتة ومنازل متباعدة يجتمع فيها اسم السعادة والشقاوة بالإضافة فرب سعيد من وجه شقي من وجه آخر ومن غلبت سعادته فهو في جنات النعيم ومن غلبت شقاوته فهو في عذاب الجحيم ومن استوى فيه الأمران فهو في خطر عظيم ورحمة الله قدامه وهو الغفور الرحيم. (والتوبة وضدها الإصرار) التوبة في الشرع ترك الذنب لقبحه ومنعه من الوصول إلى الحق والندم على ما فرط والعزم على ترك المعاودة ودرك ما أمكنه أن يتدارك من الأعمال ورد المظلمة إلى صاحبها أو تحصيل البراءة منه فمتى اجتمعت هذه الامور تحققت حقيقة التوبة وكملت شرايطها وتاب الله تعالى وهي من أهم قواعد الإسلام وأول مقامات سالكي الآخرة، وقد اتفق أهل الإسلام على وجوبها فورا ومنافعها كثيرة منها أنها تخلع ثوب الدنس وتقطع عرق النجس، ومنها أنها تورث محبة الرب ورضوانه والدخول في جنانه قال الله تعالى * (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) * وفيه فضل عظيم وشرف جسيم للتائب حيث ينال محبة الحق التي هي أعلى مقاصد السالكين بعدما كان في زمرة الهالكين، وقال الباقر (عليه السلام) * (إن الله أشد فرحا بتوبة عبده من رجل ________________________________________