[ 263 ] لعدم علمه بوخامة عاقبته وسوء خاتمته وإنما ذلك لظلمة جنانه وضعف إيمانه ورخاوة لسانه واعتياده بالايذاء والاضرار فدائما نفسه منه في تعب وبلاء وغيره منه في نصب وعناء. (والصلوة وضدها الاضاعة) إقامة الصلوة بحدودها وشرايطها من أكمل فضائل العقل وملكاته، وإضاعتها من أعظم رذايل الجهل وصفاته وذلك لأن الصلاة الكاملة الموجبة للمحو عن الهويات البشرية والاتصاف بالصفات الملكية والعروج إلى المقامات اللاهوتية كما يعتبر في تحققها أعمال بدنية مثل الطهارة وستر العورة والاستقبال إلى بيت الله والتكبير والقراءة والأذكار والركوع والسجود والتشهد والتسليم كذلك يعتبر في تحققها أفعال قلبية بازاء تلك الأعمال وتلك الأعمال بمثابة الجسد وهذه الأفعال بمنزلة الروح أما طهارة القلب فتخليصه عما سواه تعالى وتنزيهه عما عداه وأما ستره فستر عيوبه عن الروحانيين بالتوبة والانابة طلبا لقابلية محاورة الله ومناجاته والدخول في ساحة عزه ومشاهدة كمالاته. وأما استقباله إلى الله فمطالعة جلاله وجماله وقدرته وكماله، وأما قيامه بين يديه فاذعانه بأنه عبد ذليل عاجز فقير ماثل بين يدي رب جليل، وأما تكبيره فبأن يعتقد أنه تعالى أكبر من أن يصفه الواصفون وينعته الناعتون ويأتي بحق عبادته العابدون، وأما قراءته فبأن يتعمق في الباطن ما نطق به اللسان الظاهر ويتذكر أنه تعالى هو المستحق للحمد والثناء والجامع للكمالات كلها في ضمن أحسن الأسماء وأنه رب كل شئ يعطيه ما يليق به من حاله آنا فآنا ويبلغه إلى غاية كماله شيئا فشيئا فكل شئ سواء في رق الحاجة إليه مفتقر إلى فيضه مقهور بين يديه وأنه المنعم في الدنيا والآخرة ينعم كل أحد ما يليق بحاله وأنه المالك في يوم الجزاء بالاستحقاق ولا مالك فيه غيره على الاطلاق، وأنه المعبود المستحق للعبادة وغاية الخضوع دون غيره، وأنه المستعان في جميع المهمات وفي أداء العبادات، وأنه الهادي إلى الدين القويم والصراط المستقيم صراط أمير المؤمنين والأئمة المعصومين (عليهم السلام)، وأنه الموفق للميل عن صراط الضالين المضلين، وأما ركوعه فبأن يتواضع ويتخشع ويعترف بأنه تعالى متصف بالعظمة والكبرياء ومستحق بأن يتذلل له الأشياء بالانحناء، وأما سجوده فبأن يرى كل شئ عند كمال عظمته موضوعا وكل قدر عند جلال رفعته مخفوضا ويتواضع له زايدا على ما سبق ويلقي نفسه على تراب المسكنة والافتقار ويضع جبهته على غبار العجز والانكسار، وأما تشهده فبأن يشاهد بعين البصيرة تفرده بالالهية وتوحده بالربوبية وتنزهه على أن يشاركه في العبادة، وأما تسليمه فبأن يقصد أنه قطع المراحل الناسوتية وبلغ المنازل اللاهوتية ورأى عند أبوابها الملائكة المقربين والأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين خاشعين لهيبته فيسلم عليهم تحية لهم وتأنيسا بهم، وبالجملة المقصود الأصلي من الصلاة تطويع النفس ________________________________________