[ 264 ] الأمارة للعقل وتمرينها على موافقته وهو لا يحصل بدون حضور القلب وأفعاله المذكورة والتفاته إلى مشارق أنوار الحق ومطالع أسراره وتجرده عن جلابيب العوايق البشرية وسيره في عالم التوحيد والصلاة بهذا الوجه أعني المشتملة على الأعمال البدنية والأفعال القلبية من أكمل فضائل العاقل العارف بالله وآياته، وهي التي ورد في وصفها والحث عليها قوله تعالى * (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء) * وقوله تعالى * (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون) * وقوله (صلى الله عليه وآله): " الصلاة عمود الدين " (1) وقوله " الصلاة مفتاح الجنة " (2) وقوله " من صلى ركعتين ولم يحدث نفسه فيهما بشئ من الدنيا غفر الله ذنوبه " (3) وقوله " قرة عيني في الصلاة " (4) وقوله: " الصلاة قربان كل تقي " (5) وإضاعتها من جنود الجهل وصفات الجاهل وهي عبارة عن تركها بالمرة أو الإتيان بالأعمال البدنية مجردة عن الأفعال القلبية لأن الاضاعة تختلف باختلاف حال الجهل ورسوخه فرب جاهل يبلغ جهله إلى حد يتركها بالكلية لسواد قلبه وزوال بصيرته واعتقاده ورب جاهل يصلي ولا يخطر بباله أن يصلي إلى آخر الصلاة لتسلط النفس والشيطان عليه واشتغال قلبه بغير الله والتفاته إلى ما سواه ويشملها الذم في قوله تعالى * (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا) * ورب جاهل يصلي وهو أنه يصلي في بعض الأوقات دون بعض ويحضر قلبه في بعض الأفعال دون بعض وهذا فعله مختلط وعمله ممتزج يقرب من الحق تارة ويبعد اخرى والذي يقتضيه النظر أنه في خطر عظيم ولكن دل بعض الروايات المعتبرة أنه يقبل من صلاته بقدر ما يعقله وهذا دل على صحة صلاته وخروجه عن عهدة التكليف (6) ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. ________________________________________ 1 - أخرجه أبو نعيم الفضل بن دكين في كتاب الصلاة وابن منيع أيضا، كما في الجامع الصغير وكنوز الحقائق للمناوي. 2 - لم أجده هكذا وللدارمي في سننه من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري " مفتاح الجنة الصلاة ". 3 - أخرجه أحمد في مسنده ج 4 ص 112 و 117. ورواه ابن المبارك في الزهد والرقائق والراوندي في لب اللباب كما في المستدرك الوسائل كلهم بزيادة " من توضأ وصلى ركعتين - الحديث " وبادنى اختلاف في لفظه. 4 - أخرجه النسائي ج 7 ص 67 في حديث عن انس. ورواه الصدوق في الخصال أبواب الثلاثة ج 1 ص 79. 5 - رواه الكليني في الكافي كتاب الصلاة باب فضل الصلاة تحت رقم 6. 6 - قد يقع في كلام بعضهم ان قبول العمل شئ وصحته شئ آخر ويمكن ان يكون العمل صحيحا غير مقبول وربما ترى في كلام أهل التحقيق إنكار هذا المعنى ونسبته إلى الحشوية أي جهال أهل الحديث وحجة هؤلاء أن الله تعالى أمر بشئ أتى به المكلف على ما أمر به فيستحق الثواب عليه عقلا ونقلا حيث قال * (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) * ومن يدعي أن الله تعالى ربما لا يقبل العمل الصحيح ان أراد به أنه = (*) ________________________________________