[ 260 ] يخالفون الحق أبدا ولا يتجاوزونه إلى رذيلة الإفراط والتفريط قطعا وإنكار شئ من ذلك أو عدم معرفته من أخس رذائل الجاهل المغرور برأيه السقيم الراجع عن الصراط المستقيم، أو المراد بها معرفة الرب بصفاته وآثاره وأفعاله وكلا المعينين يناسب ما اشتهر من أن المعرفة إدراك شئ. ثانيا بعد الغفلة عن إدراكه أولا، وذلك أن الله سبحانه أخذ الميثاق على عباده بأنه ربهم ومحمد (صلى الله عليه وآله) عبده ورسوله وعليا (عليه السلام) أمير المؤمنين وأوصياءه من بعده ولاة أمره وخزان علمه ثم نسوا بعد رقودهم في مراقد أصلاب الآباء ومهاد أرحام الامهات وانغمارهم في بحار العوائق الجسمية واستتارهم بحجب العلايق البشرية تلك المواثيق القديمة والعهود الوكيدة فمن أيقظته صحيحة المواعظ الإلهية عن نوم الغفلة وجذبته أيدي الهداية الربانية عن تيه الظلمة وتنور قلبه بنور الهداية والارشاد واستشرق ذهنه بضوء الاطاعة والانقياد توجه إلى مولاه ومقتداه بعد النسيان وحصل له بعد الغفلة فضيلة المعرفة وشرف الترقي إلى مقام أهل العرفان ومن غرق في بحار الشهوات ونام في مراقد الغفلات حتى صار بمنزلة الجمادات أو آل إلى التشابه بالأموات ولم يؤثر فيه تلك المواعظ والنصايح، ولم يحصل له التميز بين المحاسن والمقابح فهو غريق الغفلة والنسيان وأسير الغي والطغيان لا ينزجر عن الباطل انزجارا ولا يتوجه إلى الحق إلا جهلا وإنكارا ويترك عنان الطبيعة في يد الهوى ويعرض عن ذكر المولى وهو غافل عن قوله تعالى * (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى) *. ________________________________________ = وعاية " وقد ورد في الحديث مكررا الترغيب في الوعاية وعدم الاكتفاء بالرواية ؟ قلنا نعم ورد الشريعة لجميع الناس وكلهم متعبدون بظاهرها على ما يفهم الكلام العربي ويشترك فيه كل من يعرف هذا اللسان ومع ذلك الناس مختلفون في فهم أمور زائدة على المشترك بين الكل فمنها ما لم يأت وقت الحاجة إليه ولا يمتنع تأخير البيان فيها فيكون مجملا كأحوال القيامة حيث قال " فيم أنت من ذكريها " إذ ليس في الدنيا حاجة إلى معرفة تفاصيلها ويجوز تأخير البيان عن وقت الخطاب ولعل مثل ذلك كثير في غير الاعمال البدنية وأهل الرواية يكتفون بظواهر الالفاظ وأهل الوعاية يتفاضلون في فهم ما لا يدل ظاهر اللفظ عليه وفي الالفاظ ما يتبادر المعنى منها إلى الذهن بحسب العادات كما يتبادر من البيت إلى الذهن البدوي الخيمة ومن مجئ الملائكة وخروج الروح التجسم. وهذا كثير مثل * (الله نور السماوات والأرض) * * (وإنا عرضنا الامانة على السموات والأرض) * و * (هو الأول والآخر والظاهر والباطن) * و * (الملائكة باسطو أيديهم) * ومثله اختلافهم في معنى العرش والكرسي وأنهما العلم أو القدرة أو جسمان عظيمان واختلافهم في معنى السموات وأنها أجسام لطيفة أو المراد منها عالم المجردات أو أريد به كل منها بحسب المواضع، واختلافهم في يد الله ووجه الله وآيات الجبر والتفويض (ش). ________________________________________