[ 25 ] قوله (والجميل والدهم) الجميل الحسن الوجه، والهيئة، وجمل الرجل - بالضم والكسر - فهو جميل، وامرأة جميلة. والدهم الاسود القبيح المنظر والهيئة من الدهمة، وهي السواد ومنه الفرس الادهم إذا اشتد سواده حتى ذهب بياضه [ وفي بعض النسخ " والجميل والدميم " ]. قوله (ومن به الزمانة وحمن لاعاهة به) الزمانة الافة والعاهة فعله بفتح العين وعينها ياء. وفي المصابح زمن الشخص زمنا وزمانة فهو زمن من باب تعب وهو مرض يدوم زمانا طويلا. قوله (فينظر الصحيح إلى الذي به العاهة) اختبر الصحيح بذي العاهة وبالعكس ولو كانوا كلهم أهل الصحة فاتت الحكمة الأولى وهي الحمد والحث عليه ولو كانوا كلهم أهل العاهة فاتت الحكمة الثانية وهي الدعاء والصبر على البلية والترغيب فيهما بل فاتت الحكمتان في كلتا الصورتين، وليس المراد بالحمد الحمد القولى فقط بل المراد الحمد مطلقا قولا كان أو فعلا بأن يصرف لسانه في أنواع الثناء وقوته في أنحاء الطاعات وجوارحه في أقسام العبادات، وقبله في التفكر في الله وفي مظاهره وآثاره، وهو كذلك اختبر الغني بالفقير وبالعكس لينظر الغني إلى الفقير فيحمد الله تعالى على ما أعطاه وأنعمه مما منع عنه الفقير ويشكره بالظاهر والباطن وبأداء الحقوق المالية وينظر الفقير إلى الغني فيدعو ربه ويسأله أن يعطيه، والاختلاف في الغني والفقير فائدة أخرى هي انتظام امورهم في التمدن والاجتماع، إذ لو كان كلهم غنيا لما خدم بعضهم بعضا، ولو كان كلهم فقيرا لما حصل نفع في مقابل الخدمة فيفضى ذلك إلى تركها وعلى التقديرين يلزم بطلان النظام وانقطاع النوع وفساد أسباب الحياة من الزارعة والخياطة والحياكة وغيرها من الصناعات الجزئية وكذلك اختبر المؤمن بالكفار وبالعكس لينظر المؤمن إلى الكافر فيحمده على ما هداه إليه ووفقه له، وينظر الكافر إلى المؤمن وحسن ظاهره وباطنه فيرجع عن الكفر ويتوب ولم يذكره لعدم الاغتناء بشأنه ولمال ذكر جملة من حكمة الابتلاء والاختبار على سبيل التفصيل أشار إلى البواقي على سبيل الاجمال بقوله " فلذلك خلقتهم لا بلوهم في السراء والضراء إلى آخره " لأن جلها بل كلها مندرج فيه كما يظهر بالتأمل. قوله (وأنا الله الملك القادر) أشار بلفظ الله إلى أنه كامل من جهة الذات والصفات الذاتية والفعلية لدلالته على أن كل ماله من الصفات على وجه الكمال فلا يكون خلقه على وجه الاختلاف عبثا لأن البعث نقص والنقص على الكمال من جميع الجهات محال وبلفظ ملك على أنه مسلط على جميع الممكنات فلا يعتربه العجز عن ايجاد ما أراد، فلو كانت الحكمة في غير الاختلاف لاراده بلا مانع ولما لم يرد علم أنها في الاختلاف، وبلفظ القادر إلى أنه ليس بموجب لا يقدر على ايجاد الضدين كالفقر والغنى والصحة والسقم وغير ذلك وهذه حكمة أخرى لاختيار ________________________________________