[ 24 ] قوله (وإلى تدبيري وتقديري صائرون) التدبير في الأمر أن تنظر إلى ما يؤول إليه عاقبته وبالفارسية صلاح انديشيدن در كار. والتقدير اندازه كردن واندازه چيزى نكاه داشتن وآفريدن وواجب كردن. قوله (إنما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون) اشارة إلى غاية خلق السماوات والأرض والدنيا والآخرة والجنة والنا وهي خلق الثقلين فان غاية والمعصية وهما يتوقفان على التكليف والابتلاء وبين أن التكليف والابتلاء وكمالهما يتوقفان على الاختلاف المذكور فقد ثبت أن الحكمة تقتضي الاختلاف فليتأمل. قوله (من غير فاقة بي إليك واليهم) لأن الفاقة تابعة للعجز والنقص أو مقتضية لهما، وقد الحق منزه عنهما. قوله (لا بلوك وابلوهم) أي لا عاملك واياهم معاملة المختبر فهو من باب التمثيل لقصد الايضاح والتنوير. وقوله (أيكم أحسن عملا) مفعول ثان للبلوي باعتبار تضمينه معنى العلم، والنفع في الاختبار يعود أن إلى الغير لا إليه سبحانه. قوله (والطاعة والمعصية) اسناد خلقهم إليه جل شأنه اسناد إلى العلة البعيدة أو المراد به جعل المعصية معصية والطاعة عاطة، أو المراد بالخلق التقدير. قوله (والجنة والنار) دل على أنهما مخلوقتان الآن، ذهب إليه المحقق في التجريد وهو مذهب الأكثر والآيات والروايات شواهد صدق عليه، وذهب كثير من المعتزلة أنهما غير مخلوقين وأنما تخلقان يوم القيامة. قوله (وكذلك أردت) أي كون الغرض من خلقهم هو الابلاء والاختبار أردت في تقديري لهم على النحو المختلف أو للممكنات وحقائقها وصفاتها يعني أن الغرض في تقديري الممكنات وتدبيري فيها هو اختبار الثقلين. قوله (فجعلت منهم الشقى والسعيد والبصير والأعمى) السعيد من عرف ربه وسلك سبيله حتى وصل إليه، والوصول هو الغاية العظمى للسعادة بل هو عينها ولا يحصل له ذلك إلا بمجاهدته على القوة الشهوية والغضبية وغلبته على لوازمها من الاخلاق الرذيلة، الشقى من لم يعرفه ولم ينكره أو أنكره أو عرفه ولم يسلك سبيله سواء وقف فيه أو رجع عنه وجعلها وراء ظهره أو مال عنه يمنة ويسرة فالسعيد صقف واحد والشقى أصناف لاتحاد طريق الحق وكثرة طرق الباطل والظاهر أن المراد بالبصير والأعمى واجد نور الباصرة، وفاقده ويمكن أن يراد بهما واجد نور البصيرة وفاقده. ________________________________________