[ 23 ] السؤال بأن خلقهم على مثال واحد إلى آخر ما ذكر مأنسب بنظامهم وأقرب في رفع الفساد بينهم فمستند إلى ضعف طبيعة ومعارضة قواه الجسمانية للقوة الروحانية وغلبتها بتوهم أن الإتحاد وغلبتها بتوهم أن الإتحاد في الامور المذكورة موجب للإتحاد والالفة بينهم وهذا أمر مطلوب والحكمة تقتضي رعايته، وهذا التوهم فاسد لأن التماثل في الطبيعة يوجب زوال نظامهم وانقطاع نسلهم لأن التماثل يوجب اشتغالهم بصنعة واحدة من الصنايع الجزئية التي لها مدخل في النظام وبقاء النوع بخلاف الاختلاف فانه يوجب اشتغال كل واحد بما يناسبه، ويستعد له من الصناعات فيتحقق النظام المشالهد وبقاء النوع التماثل في الفقر والغني وغيرهما لا يوجب عدم البغى و التحاسد التباغض وغيرها من المفاسد، وعلى تقدير ايجابه فهي حكمة لاقدر لها في جنب حكمة الاختلاف وهي ابتلاؤهم في مقام التكليف الموجب لرفعة مقاماتهم في الدار الآخرة. قوله (وأنا الخالق العليم) [ كذا ] تعريف الخبر باللام يفيد الحصر وفيه تنبيه على أنه لا ينبغي السؤال عنه في خلقه وايجاده للاشياء على ما هي عليه عند خفاء خلقهما هي الثواب والعقاب والاكرام والاهانة وأن ذلك يتوقف على الطاعة الحكمة بل يجب الاذعان بأن كل ما خلقه على أي وجه خلقه فهو أحكم وأتقن وأفضل وأحسن من غير ذلك الوجه لكونه خالقا عليما وصانعا حكيما لا يفعل الإ ما يقضيه الحكمة البالغة فالقول بأن في خلافة حكمة فاسد أما باعتبار أن هذه الحكمة حكمة وهمية لا تحقق لها في نفس الأمر أو باعتبار أنها حكمة ضعيفة لا قدر لها عند تلك الحكمة البالغة. قوله (بعلمي خالقت بين خلقهم) أي خالفت بين خلق أبدانهم وقلوبهم وطبايعهم وغيرها بسبب علمي بحالهم وبمصالح الإختلاف قبل خلقهم وبعده، والحاصل أنه سبحانه لما علم أزلا تفاوتهم في الطاعة والعصيان والكمال والنقصان خلق أبدانهم وصورهم أشكالهم وقت الميثاق على قدر تفاوتهم وتفاوت مراتبهم فوضع كلا في موضعه وهو العدل الحكيم ويمضي فيهم في هذا العالم وهو عالم الظهور أمره الذي هو الاختلاف المقدر في ذلك الوقت أو أمره التكويني على النحو المشاهد بمجر مشيته وارادته وهم صايرون إلى ما دبر من عاقبة امورهم وإلى ما قدر لهم من الجنة والنار لا تبديل لخلق الله، فمن حسن أحواله في ذلك الوقت حسنت أحواله في الدنيا، ومن حسنت أحواله في الدنيا حسنت أحواله في الآخرة، ومن قبحت أحواله في ذلك الوقت، قبحت أحواله في الموطنين الآخرين لا يتبدل هؤلاء إلى هؤلاء ولا هؤلاء إلى هؤلاء. قوله (وبمشيتي يمضي فيهم أمري) أي أمر الاختلاف أو أمر التكوين بمضي فيهم بمجرد المشية التابعة للحكم والمصالح كما أشر نا إليه. ________________________________________