[ 21 ] تبديل لخلقي، إنما خلقت الجن والإنس ليعبدون وخلقت الجنة لمن أطاعني وعبدني منهم واتبع رسلي - ولا ابالي خلقت النار لمن كفر بي وعصاني ولم يتبع رسلي ولا ابالي، وخلقتك وخلقت ذريتك من غير فاقة بي إليك وإليهم إنما خلقتك وخلقتهم لأبلوك وأبلوهم أيكم أحسن عملا في دار الدنيا في حياتكم وقبل مماتكم فلذلك خلقت الدنيا والاخرة والحياة والموت والطاعة والمعصية والجنة والنار، وكذلك أردت في تقديري وتدبيري، وبعلمي النافذ فيهم خالفت بين صورهم وأجسامهم وألوانهم وأعمارهم وأرزاقهم وطاعتهم ومعصيتهم، فجعلت منهم الشقي والسعيد البصير والأعمى والقصير الطويل والجميل الدميم والعالم والجاهل والغني والفقير، والمطيع والعاصي والصحيح والسقيم ومن به الزمانة ومن لاعاهة به، فينظر الصحيح إلى الذي به العاهة فيحمدني على عافيته، وينظر الذي به العاهة إلى الصحيح فيدعوني ويسألني أن اعافيه ويصبر على بلائي فاثيبه جزيل عطائي، وينظر الغني إلى الفقير فيحمدني ويشكرني، وينظر الفقير إلى الغني فيدعوني ويسألني وينظر المؤمن إلى الكافر فيحمدني على ما هديته فلذلك خلقتهم لأبلوهم في السراء والضراء وفيما ابتليهم وفيما اعطيهم وفيما أمنعهم وأنا الله الملك القادر ولي أن أمضي جميع ما قدرت على ما دبرت ولي أن أغير من ذلك ما شئت إلى ما شئت واقدم من ذلك ما أخرت واؤخر من ذلك ما قدمت وأنا الله الفعال لما اريد لا اسأل عما أفعل وأنا أسأل خلقي عما هم فاعلون. * الشرح قوله (يا رب ما أكثر ذريتي ولا مرما) تعجب في كثرتهم مع خفاء سببها وما في " أمر ما " صفة أي لامر أي أمر خلقتهم. قوله (قال آدم يا رب فمالي أرى بعض الذر أعظم من بعض) أي أعظم مقدارا وأعظم قدرا ورتبة فقوله " وبعضهم له نور إلى آخره " على الاول كالتأسيس وعلى الثاني كالتأكيد ومجمل ما في هذا الخبر أن آدم (عليه السلام) لما رأى اختلاف ذريته في غاية الكمال بحيث لا يكاد يشترك اثنان منهم في حال من الأحوال ولم يعلم سبب ذلك الإختلاف سأل عن سببه فأجابه عز شأنه بأنه خلقهم كذلك لأجل الإبتداء، ثم عاد (عليه السلام) بأن خلقهم كذلك بوجب بينهم التنافر والتباعد والتباغض والتحاسد، وأن اتحادهم في جميع الأحوال يوجب رفع هذه المفاسد وتحقق نظامهم، والسؤال الأول نشأ من روحه القدسية الإلهية الناظرة في حقائق الاشياء وصفاتها ومنافعها ومضارها، والسؤال الثاني تكلف نشأ من قواه الجسمانية ومواده الطبيعية بتوهمات داثرة وخيالات باطلة، إذ التساوي في الغنى والفقر أو اللون أو المقدار أو الشكل أو العمر مثلا لا يوجب رفع المفاسد المذكورة بل ________________________________________