[ 252 ] وحقيقة التفاضل كما هو المشاهد من الجهلة والمعلوم من السفلة. وينبغي أن يعلم أن الخضوع والخشوع والتواضع وإن كانت متقاربة في المعنى لكن بينها فرقا ما لأن الاذعان واللين إذا حصلا في القلب فمن حيث إنهما يوجبان انكسارا وافتقارا وتذللا خضوع ومن حيث إنهما يوجبان الخوف والخشية والعمل خشوع ومن حيث أنهما يوجبان انحطاط رتبته عن الغير وتعظيم ذلك الغير تواضع وقد يفرق بين الخضوع والخشوع بأن الخضوع بالقلب والخشوع بالجوارح، وبين الخضوع والتواضع بأن التواضع عدم اعتقاد المزية بالنسبة إلى الأدنى في الجاه والمنزلة والخضوع أعم أو مختص بالنسبة إلى الأعلى. (والسلامة وضدها البلاء) ليس المراد السلامة من الأمراض البدنية والابتلاء بها لما روي عن الصادق (عليه السلام) " إن أشد الناس ابتلاء الأنبياء ثم الذين يلونهم ثم الأمثل فالأمثل " (1) ولا السلامة من الفقر والابتلاء به لما روي عنه (عليه السلام) قال: " قال الله تعالى يا موسى إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين وإذا رأيت الغني مقبلا فقل: ذنب عجلت عقوبته " (2) إلا أن يخصص الأمراض والفقر بما يوجب كسر الظهر والفتنة في الدين فإنه قد نقل الاستعاذة منهما عن أهل العصمة (عليهم السلام)، بل المراد السلامة عن إيذاء المسلمين والابتلاء به كما روي " المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه " (3) أو السلامة من الأمراض النفسانية والآراء الفاسدة والعقايد الباطلة مثل الكفر والكبر والحقد والحسد والنفاق وغيرها والابتلاء بها، فان الأول من جنود العقل وأنصاره لكونه من شعب العدالة الواقعة في حاق الوسط، والثاني من حنود الجهل لكونه من فروع الجور الواقع في طرف الافراط. ________________________________________ = تدرك بغير السمع والبصر كالاجماع والتواتر والقواعد العقلية التي تستعمل لاستفاد المعنى من اللفظ وانما يسهل عليهم الحفظ والضبط فيدركون نقش الكتابة بالبصر وأصوات الكلمات بالسمع يحفظونها ويضبطون ادق واكمل من العلماء المدققين والكاملين لعدم توجه نفوسهم وأذهانهم إلى غير النقوش والاصوات وهذا عندهم فضيلة وليس لهم هم بتهذيب النفس والكمالات بل يختارون في العمل أيضا شيئا محسوسا مثلا إسباغ الوضوء وطول الركوع وتكثير الاذكار والتنطع في إخراج الحروف من مقاطعها من أمور ومع ذلك محسوسة وأما النية وحضور القلب وتخليصه من العجب والرياء فأمور غير محسوسة لا يهتمون بها كثيرا ومع ذلك فليس هذا عيبا ومذمة إلا إذا تطالوا على العلماء وزعموا أنفسهم أعلى درجة منهم ونسبوهم إلى الضلال وترك طريقة أهل البيت (عليهم السلام) كما كان دأب كثير من معاصري الشارح (رحمه الله). (ش) 1 - الكافي كتاب الايمان والكفر باب شدة ابتلاء المؤمن. 2 - المصدر باب فضل فقراء المسلمين تحت رقم 12. 3 - المصدر باب فضل فقراء المسلمين تحت رقم 12. (*) ________________________________________