[ 242 ] (والاستسلام وضده الاستكبار) الظاهر أن الاستسلام وهو الطاعة والانقياد على سبيل المبالغة في متابعة الحق من فروع الحكمة الواقعة في حاق الوسط من القوة الناطقة، ويحتمل أن يكون من فروع العدالة الحاصلة من توسط هذه القوة والقوة الغضبية والشهوية جميعا لأن الاستسلام كما يكون في مقتضى القوة الناطقة كذلك يكون في مقتضى هاتين القوتين، والاستكبار وهو التمرد عن الحق وترك الطاعة والانقياد له من فروع الجهل المقابل للحكمة أو من فروع الجور المقابل للعدالة، والفرق بينه وبين الكبر أن الكبر كما ذكرناه هيئة نفسانية ناشية من تصور الإنسان نفسه أكمل وأشرف من غيره، والاستكبار عبارة عن إظهار تلك الهيئة فهو كبر مع زيادة كما يدل عليه زيادة البناء. (والتسليم وضده الشك) التسليم بذل الرضا بقبول قول الله تعالى وفعله وقول الرسول وأوصيائه وأفعالهم (عليهم السلام) وتلقيها بالبشر وطلاقة الوجه وإن لم يكن موافقا للطبع ولم يعلم وجه المصلحة وهو من فروع العدالة وعلامة الإيمان قال الصادق (عليه السلام): لو أن قوما عبدوا الله وحده لا شريك له وأقاموا الصلاة وآتوا الزكوة وحجوا البيت وصاموا شهر رمضان. ثم قالوا لشئ صنعه الله أو صنعه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ألا صنع خلاف الذي صنع أو وجدوا ذلك في قلوبهم لكانوا بذلك مشركين (1) ثم تلا هذه الآية: * (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) * (2) والشك هو عدم قبول ما ذكر وسماه شكا لأنه من آثار الشك في الله وصفاته وفي الرسول وأوصيائه وأقوالهم وأفعالهم، وقيل: المراد بالتسليم هنا الإذعان والتصديق القلبي وفيه أن التسليم بهذا المعنى هو العلم وقد مر ذكره سابقا وعلى ما ذكرنا لا قصور فيه أصلا لأن هنا ثلاثة أشياء مترتبة الأول العلم بصدق قول الله ________________________________________ 1 - فإن من يعتقد عصمة الرسول (صلى الله عليه وآله) من الخطأ والغلط لا يشك في صحة أفعاله وأقواله ولا يرجح فعلا آخر على فعله ولا قولا على قوله وأما إن لم يعتقد عصمته عن الخطأ فلا يبعد أن يرجح فعل غيره على فعله، وإنكار العصمة مساوق لإنكار النبوة وإنكار النبوة شعبة من الشرك. فإن قيل فكيف عبدوا الله وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة مع عدم اعتقادهم عصمة الرسول (صلى الله عليه وآله) عن الخطأ في فهم الوحي وتبليغه والالتزام بأن النبي لا يخطئ في شئ ويخطئ في آخر بشيع فظيع قلنا بعض الناس لغلبة الاوهام على عقولهم يعتقدون شيئا وينكرون لوازمه بل ينكرون عين ذلك الشئ إذا اتى به بلفظ آخر كما قيل لبعض الخلفاء: يموت جميع اقربائك فساءه، فقيل عمرك أطول منهم فسره. ويقال لأهل الظاهر: سمع الله وبصره بمعنى علمه بالمبصرات والمسموعات كعلمه بالمذوقات والمشمومات فيقبلون ويستحسنون وإن قيل لهم لا علم له تعالى بالجزئيات إلا بوجه كلي فيستنكرون وكلاهما بمعنى واحد وكلاهما غير صحيح (ش). 2 - الكافي كتاب الايمان والكفر باب الشرك تحت رقم 6. (*) ________________________________________