[ 411 ] المحققين (1) من أن الملائكة أجسام لطيفة تتشكل بأشكال مختلفة. * الأصل: 3 - محمد، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم قال: حدثني مالك بن عطية الأحمسي، عن أبي حمزة الثمالي قال: دخلت على علي بن الحسين (عليهما السلام) فاحتبست في الدار ساعة، ثم دخلت البيت وهو يلتقط شيئا وأدخل يده من وراء الستر فناوله من كان في البيت. فقلت: جعلت فداك هذا الذي أراك تلتقط أي شئ هو ؟ فقال: فضلة من زغب الملائكة نجمعه إذا خلونا، نجعله سيحا لأولادنا. فقلت: جعلت فداك وإنهم ليأتونكم ؟ فقال: يا أبا حمزة إنهم ليزاحمونا على تكأتنا. ________________________________________ (1) قوله " على ما ذهب إليه بعض المحققين " كلام الشارح يدل على وجود قائل بغير هذا القول أعني كون الملائكة أجساما لطيفة يتشكل بأشكال مختلفة. وهذا يشتمل على ثلاثة قيود والمخالف لابد أن ينكر أحدها بأن ينفي كونها أجساما أو يلتزم بأنها أجسام غير لطيفة أو لا يتشكل بأشكال مختلفة، وإني لا أعرف قائلا بذلك، والشارح أعلم بما قال والحكماء القائلون بالعقول المجردة لا يخالفون في تمثلهم بصورة جسمانية كما أن علماء الشريعة لا يلتزمون بأن الملائكة أجسام غير مدركة للكليات، واعلم أن الملائكة من موجودات عالم الغيب لا من عالم الشهادة ولذلك لا يراهم الناس مطلقا إلا الأنبياء والأولياء، وقد وقع الاصطلاح على أن يسمى ما يختص برؤيته بعض الناس جسما مثاليا وما يتشارك في رؤيته الجميع جسما ماديا وهذه قاعدة كلية في تميز الجسم المثالي عن المادي وكذلك ما يراه الرجل في وقت دون الآخر، والملائكة والجن والأجسام التي تتعلق بها النفوس وعالم البرزخ من القسم الأول وكذلك الروضة من رياض الجنة في قبر المؤمن والحفرة من حفر النيران في قبر الكافر وغير ذلك، ومما ينبغي أن ينبه عليه الفرق بين الجسم المثالي المحقق في الخارج وبين ما يتراءى للممرورين والمبرسمين من الخيالات التي لا تحقق لها إلا في ذهن الرائي والعلامة الفارقة بينهما أن كل ما يراه الرجل ولا يراه غيره إن كان مقرونا بأخبار وإعلام يعلم الرائي قصور مقدرته عن إدراكها فهو جسم مثالي حقيقي له مبدء خارج عن قوى الرائي ووهمه وخياله، مثلا إذا رأى صورة متمثلة أخبرته بأن حادثا سيقع في المستقبل مثل أن زيدا يجئ غدا وعمرا يموت بعد غد ووقع ما أخبر كما أخبر فهذه علامة أنه لم يكن من خيالاته وأوهامه لأنه لا يقدر على أن يستنبط بنفسه ما يقع بعد ذلك إذ هو من علم الغيب فلابد أن يكون مبدؤه خارجا عن ذهن الرائي، ومثله إذا ألقى عليه مسألة علمية يعلم قصور فكره عن فهمها بنفسه كعامي لا يعرف شبهة ابن كمونة إذا ألقى عليه دفع هذه الشبهة، ثم الفرق بين الجن والملك والعلامة المايزة بينهما أن الملك يلقي على النفس الفضائل والعلوم الحقيقية الكلية والخير والمستحسنات، والجن الأمور الجزئية والحيل الدنيوية والتدابير الجسمية والشعر والغزل وأمثال ذلك، ولا يشتبه الأمر قط إذ يلهم المكاشف الحقيقي ويعلم علما ضروريا لا يختلج بباله غيره أنه ملك، فإن بقي الشك له فالشك دليل عدم كونه ملكا لأن الشك من الشيطان لا محالة. (ش) (*) ________________________________________