[ 395 ] ولم يجعل الله لأحد في مثل الذي خلقهم منه نصيبا إلا للأنبياء ولذلك صرنا نحن وهم: الناس، وصار سائر الناس همج، للنار وإلى النار. * الشرح: قوله (إن الله خلقنا من نور عظمته) أي خلق أرواحنا من نور عظمته وهي مشتقة منه والظاهر أن الإضافة لامية، ولعل المراد به النور الذي مبدؤه العظمة لأن المضاف إليه كثيرا ما يكون مبدأ للمضاف كما صرح به بعض المحققين، وكان هذا النور هو نور الحجب الذي دل على عظمته تعالى ولذلك صاروا أدلة على الحق، وعظمته التي هي عبارة عن تجاوز قدره عن العقول والإدراك حتى لا يتصور الإحاطة بكنه حقيقة ذاته وصفاته، وفيه إشارة إلى أنه كما لا يمكن الإحاطة المذكورة بالنسبة إليه تعالى كذلك لا يتصور بالنسبة إليهم، وقد مر أن حقيقة ذات الإمام وصفاته لا يعلمها إلا هو ويحتمل أن يكون الإضافة بيانية وإنما سمى عظمته نورا لأن بعظمته ظهر عالم الكون من ظلمة العدم كما أن بالنور ظهرت الأشياء. قوله (ثم صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة من تحت العرش) أي خلق أبداننا من طينة والطين معروف والطينة أخص منه وهي الخلقة والجبلة، يقال: فلان من الطينة الأولى كذا، في الصحاح، وقوله " من تحت العرش " متعلق بالخلق والتصوير وهو المراد بالعليين كما أشرنا إليه. قوله (فكذا نحن خلقا وبشرا نورانيين) كذا كناية من الشئ وما بعده منصوب على التميز والمراد بالخلق الروح وبالبشر البدن وهم نورانيون في الظاهر والباطن وبنورهم أشرقت قلوب المؤمنين، والألف والنون من زيادات النسب. قوله (لم يجعل لأحد في مثل الذي خلقنا منه نصيبا) قد عرفت مما ذكرنا أن خلقهم على الوجه المذكور كان من توابع علمه تعالى بالأخلاق والأعمال وكمال الميل إليه تعالى ولما كان ذلك منهم على وجه الكمال الذي لا يشاركهم فيه أحد غيرهم كان خلقهم على الوجه المذكور مختصا بهم وأما النبي (صلى الله عليه وآله) فيعلم حاله بطريق الأولوية. قوله (وخلق أرواح شيعتنا من طينتنا) فيه دلالة على أن جسدهم جسد روحاني وبدنهم بدن نوراني حتى أنه اشتق منه الروح المجرد الصرف. قوله (أسفل من ذلك الطينة) هكذا في النسخ التي رأيناها ولعل التذكير بتأويل الطينة بالطين أو الأصل، وأنت إذا تأملت فيما ذكر علمت أن بين أبداننا وأبدانهم مباينة في المادة مقارنة في المحل وكذا بين أرواحنا وأرواحهم ويظهر بواقي النسب بالتأمل الصادق إن شاء الله تعالى. قوله (إلا للأنبياء) أراد بهم الأنبياء السابقين، وأما نبينا (صلى الله عليه وآله) فحاله يعلم من حال الأئمة (عليهم السلام) ________________________________________