[ 394 ] تلك الحالات وعلم أن بعضهم يعود بالحالات الدنية إلى محل البعد خلقهم منه ليكون عود كل أحد إلى أصله ومحله المأنوس كما قيل " كل شئ يرجع إلى أصله "، وبالجملة تلك الحالات علة للإيجاد على نحو مخصوص ومحل معلوم دون العكس فليتأمل فإنه دقيق جدا، وبذلك يندفع كثير من الشبهات (1) والله الموفق للخيرات. قوله (فمن أجل ذلك) وذلك لأن أبدانهم وأرواحنا من محل واحد فبينهما كمال القرابة والاتصال وأرواحهم المتعلقة بأبدانهم متعلقة ومتصلة بأرواحنا فلذلك يفيض منهم إلينا ما شاء الله من علومهم وصفاتهم، وأرواحنا المتعلقة بأبداننا متعلقة ومتصلة بأبدانهم وأرواحهم فلذلك تحن قلوبنا إليهم وتشتاق إلى لقائهم في الدنيا والآخرة والله هو الموفق والمعين. * الأصل: 2 - أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن شعيب عن عمران بن إسحاق الزعفراني، عن محمد بن مروان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إن الله خلقنا من نور عظمته، ثم صور خلقنا من طينة مخزونة، مكنونة، من تحت العرش. فأسكن ذلك النور فيه، فكنا (2) نحن خلقا وبشرا نورانيين، لم يجعل لأحد في مثل الذي خلقنا منه نصيبا وخلق أرواح شيعتنا من طينتنا وأبدانهم من طينة مخزونة مكنونة، أسفل من ذلك الطينة ________________________________________ (1) قوله " يندفع كثير من الشبهات " منها شبهة لزوم الجبر أو خلق بعض الناس أقرب إلى الخير وبعضهم أقرب إلى الشر وهو ظلم أيضا وربما يختلج في ذهن أوباش الناس والماديين منهم إنكار خلق بدن الإنسان بل روحه من غير العناصر الموجودة في الأرض ولا يعقلون دخول شئ آخر من تحت العرش والسماوات في عجن طينتهم وقد ذكرنا أن مذهب الحكماء عدم استقلال المادة والصورة في تكون أي جسم من الأجسام بل العلة التي لا تباين المعلول بينونة عزلة البتة هي الأصل المجرد من عالم العقول فيصح أن يقال: تقوم كل جسم من نور فائض عليه من عالم الملكوت وإنما الكلام في وجه تخصيص الإمام أو الشيعة بذلك والحق أن إثبات الشئ لا ينفي ما عداه فكل شئ يستمد من عالم الملكوت وما من جسم إلا هو مرتبط بجوهره بذلك العالم كارتباط النور بالشمس وينعدم الأجسام بفرض قطع تلك الرابطة كما تنعدم بفرض انعدام مادة تحمل صورتها أو صورة تقيم مادتها، والفرق بين الأجسام إنما هو فيما يستعد لقبوله، فحظ النبات من عالم الملكوت أكثر وأقوى من الجماد، وحظ الحيوان أكثر، والإنسان كذلك، وحظ العلماء والكمل من الأولياء والنفوس القدسية أكثر من سائر أفراد الإنسان وحظ الحجج (عليهم السلام) أوفر وأعظم منهم جميعا، وأما شبهة الجبر والتبعيض في اللطف فينكشف إن شاء الله حين يحين حينه، وغلبة ظهور الملكوت في الحجج (عليهم السلام) أوجبت تخصيصهم بالعليين، وغلبة ظهور المادة والطبيعة في الأشرار أوجبت نسبتهم إلى السجين، كما أن ظهور ملك الله تعالى وانعزال جميع من سواه يوم الحشر أوجب وصفه تعالى بأنه مالك يوم الدين مع أنه مالك كل يوم. (ش) (2) في بعض النسخ [ فكذا ]. (*) ________________________________________