[ 4 ] قوله (زعم ابن عباس أنه من الذين قالوا ربنا الله) قال الله تعالى: * (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم) * قد مر تفسير هذه الآية بطريق الإجمال في باب بعد باب عرض الأعمال، واعلم أن عبد الله بن عباس كان في بداية الحال من أهل الأمانة والديانة عند أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم تغيرت حاله وذهبت أمانته وفسدت ديانته (1) وذمه (عليه السلام) في مواضع عديدة ومن أراد الاطلاع عليه فليرجع إلى نهج البلاغة. قوله (فقلت له: هل رأيت الملائكة (2) - إلى قوله - والحزن) قد ذكر الله تعالى جميع ذلك في ________________________________________ (1) قوله " ثم تغيرت حاله وذهبت أمانته " ان الأمور المعلومة الواضحة المتواترة لا تدفع بالمشكوكات فضلا عما علم بطلانه يقينا وقد ذكر العلامة الحلي (رحمه الله) ابن عباس في الممدوحين من الخلاصة قال: عبد الله بن عباس من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان محبا لعلي (عليه السلام) وتلميذا له، حاله في الجلالة والإخلاص لأمير المؤمنين (عليه السلام) أشهر من أن يخفى. وقد ذكر الكشي أحاديث تتضمن قدحا فيه وهو أجل من ذلك قد ذكرناها في كتابنا الكبير وأجبنا عنها (رضي الله عنه)، انتهى قوله وهو الحجة هنا، وأما الكشي فكما روى أحاديث في القدح روى أحاديث في مدحه غاية المدح وسلامته إلى آخر عمره خلافا لما قاله الشارح ولعل من رأى احتجاجاته في حرب الجمل ومحاجته مع معاوية على ما في البحار وتأسف أمير المؤمنين (عليه السلام) من عدم رضى أصحابه بتعيين ابن عباس مكان أبي موسى الأشعري وغير ذلك مما لا يحصى لم يشك في حسن حال الرجل. وأما عتاب أمير المؤمنين (عليه السلام) عليه فلا يدل على عناد فيه ومخالفته في الإمامة ولم يكن ابن عباس معصوما فجاز أن يشتبه عليه أمر في مال أخذه من بيت المال وقد عتب على عثمان بن حنيف بأشد من ذلك وكان كتابه إليه ألطف وأرأف ولا اعتبار بسائر ما روي بطريق ضعيف والعبرة بالمتواتر من صحبته له ورضاه عنه وسعيه في تأكيد أمره وتحكيم خلافته وقد ذكر علماؤنا في الكلام أن المؤمن الحق لا يمكن أن يرتد ولا أدري كيف غفل عنه الشارح ! ويختلج بالبال أن واضع الخبر أراد توهين ابن عباس تقربا إلى عوام الشيعة تنفيرا لهم عن خلفاء وقته لأنهم كانوا يفتخرون بجدهم. (ش) (2) قوله " فقلت له هل رأيت الملائكة " رووا أن ابن عباس رأى جبرئيل على عهد النبي (صلى الله عليه وآله) وأخبره النبي (صلى الله عليه وآله) أنه يعمى في آخر عمره وكانوا يعدون ذلك من فضائل ابن عباس لأن رؤية جبرئيل تدل على وجوده بصرا ملكوتيا يرى به ذلك العالم ولم يكن عماه في آخر عمره مجازاة على رؤية الملك لأنها لم تكن باختياره ولم تكن محرمة حتى يجازى عليها ولم تكن من أثر ضربة جناح الملك، وإلا لعمي من بدو صباه في عهد النبي (صلى الله عليه وآله). وأما واضع هذا الخبر فكان سمع أن شيعة بني العباس يفتخرون برؤية جدهم جبرئيل (عليه السلام) وأن عماه في آخر عمره كان لذاك لأن الذي ينظر إلى ضياء قوي فوق استطاعة القوة الباصرة يتهيأ بصره للضعف والانحلال ولم يكن هذا الراوي مطلعا على تفصيل ما يرونه ويروونه وما يتمسكون به فلفق هذه الحكاية. والمكالمة لم تقع = (*) ________________________________________