[ 100 ] فسقناه إلى بلد ميت) * واللمك اسمه رعد (1) " وفيه دلالة على أن السحاب تحمل الماء من بحار الارض ويتصاعد بأمر الله تعالى ويمطر في كل مكان تعلق به إرادته ومشيئته ويدل عليه أيضا ظاهر ما نقله العامة والخاصة كما صرح به الشيخ في مفتاح الفلاح من أن المأمون خرج يوما من بغداد فأرسل صقره فارتفع في الهواء ولم يسقط على الأرض حتى رجع في منقاره سمكة فتعجب المأمون من ذلك فلما رجع بغداد رأى في بعض طريقه محمد بن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) وله في ذلك الوقت إحدى عشرة سنة وقيل عشرة فتقدم إليه المأمون وهو ضام كفه على السمكة وقال له قل أي شئ في يدي فقال (عليه السلام): إن الغيم حين يأخذ من ماء البحر يداخله سمك صغار فتسقط منه فيصيدها صقور الملك فيمتحنون بها سلالة النبوة، فأدهش ذلك المأمون فنزل عن فرسه وقبل رأسه وتذلل له ثم زوجه ابنته (2). والظاهر أن جميع ذلك حق لأن الشئ الواحد قد يكون له أسباب متعددة وفي جميع ذلك دلالة على الحكيم القدير المدبر للأشياء على أحسن ما ينبغي. فان قال قائل: إنما ينزل المطر من السحاب بطبعه لأنه ثقيل فأي دلالة فيه على ما ذكرتم ؟ قلنا: أولا: هذا الطبع له ليس من قبل نفسه بالضرورة فمن أعطاه إياه دون غيره من الأجسام الخفيفة مع اشتراكهما في الجمسية ؟ ومن أسكنه في جو السماء وكبد السحاب بحيث ينزل تارة دون اخرى مع اقتضاء طبعه نزوله وعدم استقراره ؟ ومن ساقه من جو إلى جو مع اقتضاء طبعه الحركة إلى المركز ؟ وثانيا: أنه إذا نزل بطبعه لثقله فلم يتصاعد إلى أعالي الشجر والأوراق والنباتات من المسامات الضيقة والعروق الدقيقة ليصل منافعه إلى كل جزء من أجزائها ؟ ولو قال: صعود لجذب قواها الجاذبة إياه، قلنا له: من أعطاها تلك القوى التي تفسره إلى الصعود المخالف لمقتضى طبعه فيرجع الكلام بالآخرة إلى وجود واجب الوجود الذي بأمره وتدبيره يتحرك الماء فيما بين الأرض والسماء، من شرق إلى غرب ومن غرب إلى شرق، ومن شمال إلى جنوب ومن جنوب إلى شمال، ومن علو إلى سفل، ومن سفل إلى علو، ذلك تقدير العزيز العليم، وأما الثالث: فهو أشار إليه سبحانه بقوله * (فأحيا به الأرض بعد موتها) * أي بسبب ما يتبعه من النباتات والحيوانات والكلام هنا في ثلاثة امور، الأول: في كون النبات والحيوان حياة الأرض، ومجمل القول فيه أن نسبة النبات والحيوان الأرض كنسبة النفس إلى الحيوان فكما أن الحيوان بلا نفس ميت عديم المنفعة، كذلك ________________________________________ 1 - رواه الكليني في كتاب الروضة تحت رقم 268 - والمخاريق كما في النهاية الاثيرية جمع مخراق وهو في الاصل ثوب يلف به الصبيان بعضهم بعضا وفي حديث على (عليه السلام) البرق مخاريق الملائكة أراد أنها آلة تزجر بها الملائكة السحاب وتسوقه. 2 - مطالب السئول ص 87، كشف الغمة ص 282. (*) ________________________________________