أنه لا فرق في ذلك ويجاب عنه بأنه لم يستفصل لأنه كان الواقع في ذلك العصر غالبا عدم إرسال الثلاث كما تقدم وقولنا غالبا لئلا يقال قد أسلفنا أنها وقعت الثلاث في عصر النبوة لأنا نقول نعم لكن نادرا ومثل هذا ما استدلوا به من حديث عائشة أن رجلا طلق امرأته ثلاثا فتزوجت فطلق الآخر فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أتحل للأول قال لا حتى يذوق عسيلتها أخرجه البخاري والجواب عنه هو ما سلف ولهم أدلة من السنة فيها ضعف فلا تقوم بها حجة فلا نعظم بها حجم الكتاب وكذلك ما استدلوا به من فتاوى الصحابة أقوال أفراد لا تقوم بها حجة القول الثالث إنها تقع بها واحدة رجعية وهو مروي عن علي وبن عباس وذهب إليه الهادي والقاسم والصادق والباقر ونصره أبو العباس بن تيمية وتبعه بن القيم تلميذه على نصره واستدلوا بما مر من حديثي بن عباس وهما صريحان في المطلوب وبأن أدلة غيره من الأقوال غير ناهضة أما الأول والثاني فلما عرفت ويأتي ما في غيرهما القول الرابع أنه يفرق بين المدخول بها وغيرها فتقع الثلاث على المدخول بها وتقع على غير المدخول بها واحدة وهو قول جماعة من أصحاب بن عباس وإليه ذهب إسحاق بن راهويه استدلوا بما وقع في رواية أبي داود أما علمت أن الرجل كان إذا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث وبالقياس فإنه إذا قال أنت طالق بانت منه بذلك فإذا أعاد اللفظ لم يصادف محلا للطلاق فكان لغوا وأجيب بما مر من ثبوت ذلك في حق المدخولة وغيرها فمفهوم حديث أبي داود لا يقاوم عموم أحاديث بن عباس واعلم أن ظاهر الأحاديث أنه لا فرق بين أن يقول أنت طالق ثلاثا أو يكرر هذا اللفظ ثلاثا وفي كتب الفروع أقوال وخلاف في التفرقة بين الألفاظ لم يستند إلى دليل واضح وقد أطال الباحثون في الفروع في هذه المسألة الأقوال وقد أطبق أهل المذاهب الأربعة على وقوع الثلاث متابعة لإمضاء عمر لها واشتد نكيرهم على من خالف ذلك وصارت هذه المسألة علما عندهم للرافضة والمخالفين وعوقب بسبب الفتيا بها شيخ الإسلام بن تيمية وطيف بتلميذه الحافظ بن القيم على جمل بسبب الفتوى بعدم وقوع الثلاث ولا يخفى أن هذه محض عصبية شديدة في مسألة فرعية قد اختلف فيها سلف الأمة وخلفها فلا نكير على من ذهب إلى قول من الأقوال المختلف فيها كما هو معروف وها هنا يتميز المنصف من غيره من فحول النظار والأتقياء من الرجال وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة رواه الأربعة إلا النسائي وصححه الحاكم وفي رواية لابن عدي من وجه آخر ضعيف الطلاق والعتاق والنكاح