الآيتان وبأن طلاق الملاعن لزوجته ليس طلاقا في محله لأنها بانت بمجرد اللعان كما يأتي واعلم أن حديث محمود لم يكن فيه دليل على أنه صلى الله عليه وسلم أمضى عليه الثلاث أو جعلها واحدة وإنما ذكره المصنف إخبارا بأنها قد وقعت التطليقات الثلاث في عصره وعن بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال طلق أبو ركانة أم ركانة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم راجع امرأتك فقال إني طلقتها ثلاثا قال قد علمت راجعها رواه أبو داود وفي لفظ لأحمد طلق أبو ركانة امرأته في مجلس واحد ثلاثا فحزن عليها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنها واحدة وفي سندهما بن إسحاق وفيه مقال وقد روى أبو داود من وجه آخر أحسن منه أن ركانة طلق امرأته سهيمة ألبتة فقال والله ما أردت بها إلا واحدة فردها إليه النبي صلى الله عليه وسلم وعن بن عباس رضي الله عنهما قال طلق أبو ركانة بضم الراء وبعد الألف نون أم ركانة فقال النبي صلى الله عليه وسلم راجع امرأتك فقال إني طلقتها ثلاثا قال قد علمت راجعها رواه أبو داود ولفظ أحمد أي عن بن عباس طلق ركانة امرأته في مجلس واحد ثلاثا فحزن عليها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنها واحدة وفي سندهما أي حديث أبي داود وحديث أحمد بن إسحاق أي محمد صاحب السيرة وفيه مقال قد حققنا في ثمرات النظر في علم أهل الأثر وفي إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد عدم صحة القدح بما يجرح روايته وقد روى أبو داود من وجه آخر أحسن منه أن ركانة طلق امرأته سهيمة المهملة مضمومة تصغير سهمة البتة فقال والله ما أردت إلا واحدة فردها إليه النبي صلى الله عليه وسلم وأخرجه أبو يعلى وصححه وطرقه كلها من رواية محمد بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس وقد عمل العلماء بمثل هذا الإسناد في عدة من الأحكام مثل حديث أنه صلى الله عليه وسلم رد ابنته على أبي العاص بالنكاح الأول تقدم وقد صححه أبو داود لأنه أخرجه أيضا من طريق أخرى وهي التي أشار إليها المصنف بقوله أحسن منه وهي أنه أخرجه من حديث نافع بن عجير بن عبد يزيد بن ركانة أن ركانة الحديث وصححه أيضا بن حبان والحاكم وفيه خلاف بين العلماء بين مصحح ومضعف والحديث دليل على أن إرسال الثلاث التطليقات في مجلس واحد يكون طلقة واحدة وقد اختلف العلماء في المسألة على أربعة أقوال الأول أنه لا يقع بها شيء لأنها طلاق بدعة وتقدم ذكرهم وأدلتهم الثاني أنه يقع به الثلاث وإليه ذهب عمر وبن عباس وعائشة ورواية عن علي والفقهاء الأربعة وجمهور السلف والخلف واستدلوا بآيات الطلاق وأنها لم تفرق بين واحدة ولا ثلاث وأجيب بما سلف أنها مطلقات تحتمل التقييد بالأحاديث واستدلوا بما في الصحيحين أن عويمرا العجلاني طلق امرأته ثلاثا بحضرته صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه فدل على إباحة جمع الثلاث وعلى وقوعها وأجيب بأن هذا التقرير لا يدل على الجواز ولا على وقوع الثلاث لأن النهي إنما هو فيما يكون في طلاق رافع لنكاح كان مطلوب الدوام والملاعن أوقع الطلاق على ظن أنه بقي له إمساكها ولم يعلم أنه باللعان حصلت فرقة الأبد سواء كان فراقه بنفس اللعان أو بتفريق الحاكم فلا يدل على المطلوب واستدلوا بما في المتفق عليه أيضا في حديث فاطمة بنت قيس أن زوجها طلقها ثلاثا وأنه صلى الله عليه وسلم لما أخبر بذلك قال ليس لها نفقة وعليها العدة وأجيب بأنه ليس في الحديث تصريح بأنه أوقع الثلاث في مجلس واحد فلا يدل على المطلوب قالوا عدم استفصاله صلى الله عليه وسلم هل كان في مجلس أو مجالس دال على