باب في أحكام الشهادة وهي لغة البيان والشاهد المبين وكذا الشهيد وفسر قوله تعالى شهد الله أنه لا إله إلا هو يبين ويعلم ابن عبد السلام لا تعرف اصطلاحا لأنها معلومة ابن عرفة القرافي أقمت نحو ثمان سنين أطلب الفرق بينها وبين الرواية وأسأل الفضلاء عنه وتحقيق ماهية كل منهما فيقولون يشترط في الشهادة التعدد والذكورية والحرية بخلاف الرواية فأقول لهم هذا فرع تصورها وتميزها عن الرواية وتعريفها بأحكامها التي لا تعرف إلا بعد معرفتها دور وإذا وقعت حادثة غير منصوصة من أين لنا أنها شهادة شرطها التعدد إلخ أو رواية ليس شرطها ذلك وبنوا الخلاف في قبول خبر الواحد برؤية هلال رمضان على كونه رواية أو شهادة وفي قبوله بعدد ما صلى إمامه على ذلك وهذا يتوقف على تصورهما ومعرفة الفرق بينهما ولم أزل في شدة قلق حتى طالعت شرح البرهان للمازري رحمه الله تعالى فوجدته حقق المسألة وميز الشهادة من الرواية فقال هما خبران غير أن المخبر عنه إن كان عاما لا يختص بمعين فهي الرواية كقوله صلى الله عليه وسلم الأعمال بالنية والشفعة فيما لا ينقسم فإنهما عامان لا يختصان بمعين في الأعصار والأمصار بخلاف قول العدل عند الحاكم لهذا عند هذا دينار مثلا فإنه لزام المعين لا يتعداه فهذه شهادة ثم قال ينتقض هذا الفرق بأن الشهادة قد تتعلق بكلي كشهادة بوقف مؤبد على الفقراء وكون الأرض عنوة أو صلحا وبأن الرواية قد تتعلق بجزئي كإرسال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهجرته ووفاته وخلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله تعالى عنهم أجمعين ثم أجاب عن الأول بأن عمومها عارض ومقصودها الأول إنما هو جزئي فالمقصود بالشهادة بالوقف إنما هو الواقف لينزع منه الموقوف