التغليظ على من يروم ضرره ابن الصلاح ومن فعل ذلك فقد هان عليه دينه وأما إذا صح قصد المفتي واحتسب في طلب حيلة لا شبهة فيها ولا تجر إلى مفسدة ليخلص بها المستفتي من ورطة يمين أو نحوها فذلك حسن جميل القرافي إذا كان في المسألة قولان أحدهما تشديد والآخر تخفيف فلا ينبغي للمفتي أن يفتي العامة بالتشديد والخواص وولاة الأمور بالتخفيف فذلك قريب من الفسوق والخيانة في الدين والتلاعب بالمسلمين ودليل على فراغ القلب من تعظيم الله تعالى وإجلاله وتقواه وعمارته باللعب وحب الرياسة والتقرب إلى الخلق دون الخالق نعوذ بالله تعالى من صفات الغافلين والحاكم كالمفتي في هذا فرع إذا لم يوجد في النازلة نص فقال ابن العربي إن قاس على قول مقلده أو قال يجيء من كذا فهو متعد خليل وفيه نظر والأقرب جوازه على مدارك إمامه ابن عرفة إثر كلام ابن العربي قلت يرد كلامه بأنه يؤدي إلى تعطيل الأحكام لأن الفرض عدم المجتهد لامتناع تولية المقلد مع وجوده فإذا كان حكم النازلة غير منصوص عليه ولم يجز للمقلد المولى القياس على قول مقلده في نازلة أخرى تعطلت الأحكام وبأنه خلاف عمل متقدمي أهل المذهب كابن القاسم في المدونة في قياسه على أقوال مالك رضي الله عنه ومتأخريهم كاللخمي وابن رشد والتونسي والباجي وغير واحد من أهل المذهب ومن تأمل كلام ابن رشد وجده بعد اختياراته وتخريجاته في تحصيله أقوالا وقد عد ابن عرفة فتوى ابن عبد الرءوف وابن السباق وابن دحون ونحوهم أقوالا ونقل لابن الطلاع قولا في المذهب وجعله مقابلا لقول ابن القصار الحط وكأن خليلا وابن عرفة لم يقفا على كلام القرافي في الذخيرة وبحثه مع ابن العربي ونصه بعد ذكر كلام ابن العربي قوله فإن قاس على قوله فهو متعد قال العلماء المقلد قسمان محيط بأصول مذهب مقلده وقواعده بحيث تكون نسبته إلى مذهبه كنسبة المجتهد المطلق إلى أصول الشريعة وقواعدها فهذا يجوز له التخريج والقياس بشرائطه