إنما وضعت على المسلمين تطهيرا لهم وردا على فقرائهم ووضعت الجزية على أهل الكتاب صغارا لهم فهم وإن كانوا ببلدهم الذي صالحوا عليه ليس عليهم شيء سوى الجزية في شيء من أموالهم إلا أن يتجروا في بلاد المسلمين ويختلفوا فيها فيؤخذ منهم العشر فيما يديرون من التجارات وذلك أنهم إنما وضعت عليهم الجزية وصالحوا عليها على أن يقروا ببلادهم ويقاتل عنهم عدوهم فمن خرج من بلاده منهم إلى غيرها يتجر فعليه العشر من تجر منهم من أهل مصر إلى الشام أو من أهل الشام إلى العراق أو من أهل العراق إلى المدينة أو إلى اليمن وما أشبه هذا من البلاد فعليه العشر ولا صدقة على أهل الكتاب ولا المجوس في شيء من مواشيهم ولا ثمارهم ولا زروعهم مضت بذلك السنة ويقرون على دينهم ويكونون على ما كانوا عليه وإن اختلفوا في العام الواحد مرارا إلى بلاد المسلمين فعليهم كلما اختلفوا العشر لأن ذلك ليس مما صالحوا عليه ولا مما شرط لهم وهذا الذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا قوله عند ابن القاسم أي وهو المشهور قوله فإذا لم يبيعوا شيئا لم يؤخذ منهم شيء أي خلافا لابن حبيب لأن الأخذ في نظير النفع لا في دخول الأرض لأنهم مكنوا منها بالجزية قوله من إقليم إلى إقليم آخر مراده بالإقليم القطر وإن لم يكن أحد الأقاليم السبعة التي تقدم بيانها بدليل الأخذ ممن أخذ سلعا من الشام وباعها بمصر أو عكسه فالعبرة بها لا بالسلاطين إذ لا يجوز تعدد السلطان كما قاله التتائي وقيل يجوز عند تباعد الأقطار قوله وأخذ منهم عشر عرض أو حيوان إلخ انظر هذا مع قول العلامة العدوي في حاشية أبي الحسن الحاصل أنهم إن قدموا من أفق إلى أفق آخر بعرض وباعوه بعين أخذ منهم عشر الثمن وإن قدموا بعين واشتروا به عرضا أخذ منهم عشر العرض على المشهور لا عشر قيمته وإن قدموا بعرض واشتروا به عرضا آخر فعليهم عشر قيمة ما اشتروا لا عشر عين ما قدموا به ولا يتكرر عليهم الأخذ بتكرر بيعهم وشرائهم ما داموا بأفق واحد فإن باعوا بأفق كالشام أو العراق واشتروا بآخر كمصر أخذ منهم عشر في الأول وعشر في الثاني كما أنه يتكرر الأخذ منهم إن قدموا بعد ذهابهم