كانت في غير أرض محبسة وفي المواضع المباحة وفي ملك الإنسان فأباح ذلك ابن القصار وقال غيره ظاهر المذهب خلافه انتهى وقال ابن بشير وينهى عن بنائها يعني القبور على وجه يقتضي المباهاة والظاهر أنه يحرم مع القصد ووقع لابن عبد الحكم فيمن أوصى أن يبنى على قبره بيت أنه تبطل وصيته وظاهر هذا التحريم وإلا لو كان مكروها لنفذت وصيته ونهي عنها ابتداء وأما البناء الذي يخرج عن حد المباهاة فإن كان القصد به تمييز الموضع حتى ينفرد بحيازته فجائز وإن كان القصد به تمييز القبر عن غيره فحكى أبو الحسن عن المذهب قولين الكراهة وأخذها من إطلاقه في المدونة والجواز في غير المدونة والظاهر أنه متى قصد ذلك لم يكره وإنما كره في المدونة البناء الذي لا يقصد به علامة وإلا فكيف يكره ما يعرف به الإنسان قبر وليه ويمتاز به القبر حتى يحترم ولا يحفر عليه إن احتيج إلى قبر ثان انتهى وقال ابن الحاجب ويكره البناء على القبور فإن كان للمباهاة حرم وإن كان لقصد التمييز فقولان قال ابن عبد السلام يعني أن البناء إما أن يقصد به المباهاة أو التمييز أو لا يقصد به شيء من ذلك والأول حرام وربما كان ذلك حكم الحي فيما يحتاج إليه من أكل ولباس وركوب وبناء وغيره والثاني مختلف في كراهته وإباحته والثالث مكروه وقد وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجرا بيده الكريمة عند رأس عثمان بن مظعون وقال أعم به قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهلي وأما تجويز موضع الدفن ببناء فقالوا إنه جائز إذا لم يرفع فيه إلى قدر يأوى إليه بسبب ذلك أهل الفساد وإن فعل ذلك فإنه يزال منه ما يستر أهل الفساد ويترك باقيه انتهى وقال في التوضيح يعني أن البناء إما أن يكون لقصد المباهاة أو التمييز أو لا يقصد به شيء والأول حرام وهكذا نص عليه الباجي والثالث مكروه والثاني مختلف فيه بالجواز والكراهة ابن بشير والقولان حكاهما اللخمي واختار الكراهة من إطلاق المدونة والجواز في غيرها قال والظاهر أن البناء لقصد التمييز غير مكروه وإنما كره في المدونة البناء الذي لا يقصد به العلامة وإلا فكيف يكره ما قصد به معرفة قبر وليه ولم يجزم ابن بشير بتحريم القسم الأول بل قال الظاهر أنه يحرم وذكر كلامه المتقدم إلى قوله لنفذ وصيته ثم قال في التوضيح وأجاز علماؤنا ركز حجر أو خشبة عند رأس الميت ما لم يكن منقوشا لما روي أنه صلى الله عليه وسلم وضع بيده الكريمة حجرا عند رأس عثمان بن مظعون وقال أعلم به قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهلي وكره ابن القاسم أن يجعل على القبر بلاطة ويكتب فيها وأما تحويز موضع الدفن ببناء وذكر كلام ابن عبد السلام المتقدم ثم قال وفي التنبيهات اختلف في بناء البيوت عليها إذا كان بغير أرض محبسة وفي المواضع المباحة في ملك الإنسان فأباح ذلك ابن القصار وقال غيره ظاهر المذهب خلافه انتهى وأما الموقوف كالقرافة التي بمصر فلا يجوز فيها البناء مطلقا ويجب على ولي الأمر أن يأمر بهدمها حتى يصير طولها عرضا وسماؤها أرضا وقال في المدخل في فصل زيارة القبور البناء في القبور غير منهي عنه إذا كان في ملك الإنسان لنفسه وأما إذا كانت مرصدة فلا يحل البناء فيها ثم ذكر أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه جعل القرافة بمصر لدفن موتى المسلمين واستقر الأمر على ذلك وأن البناء بها ممنوع وذكر عن بعض الثقات أنه أخبره أن السلطان الظاهر أمر باستفتاء العلماء في زمنه في هدم ما بها من البناء فاتفقوا على لسان واحد أنه يجب على ولي الأمر أن يهدم ذلك كله ويجب عليه أن يكلف أصحابه رمي ترابها في الكيمان ولم يختلف في ذلك أحد منهم ثم إن الملك الظاهر سافر إلى الشام فلم يرجع انتهى وقال ابن الفاكهاني في شرح الرسالة أما تجصيص القبور فمتفق على كراهته إلا