رزقا ولا يجوز لهم من مال من حكموا له بالحق انتهى قلت الذي يظهر أنه لا معارضة بين كلام ابن رشد وابن حبيب لأن مراد ابن رشد أنه أشبه الإجارة لكونه أخذ في مقابلة عمل وقد قال ابن حبيب في الواضحة وما يأخذه القضاة والمؤذنون وصاحب السوق من الطعام من باب المعاوضة فيمنع من بيعه قبل قبضه انتهى فتأمله منصفا والله تعالى أعلم الخامس إذا لم يجد أهل المصر من يؤذن إلا بأجرة فإنهم يستأجرون من يؤذن لهم قال الشيخ يوسف بن عمرو تكون أجرته على أهل الموضع كلهم وكذلك من كان خارجا منه وله رباع أو عقار بذلك الموضع وهذا بخلاف إجارة التعليم فإنها لا تجب إلا على من له صبي انتهى السادس اختلفوا في الأحباس الموقوفة على من يؤذن أو يصلي فقيل إنها إجارة وهذا هو الذي فهمه بعضهم من أقوال الموثقين وقيل إنها إعانة ولا يدخلها الخلاف في الإجارة على الأذان والإمامة قال ابن عرفة وهو قول بعض شيوخ شيوخنا ثم رد على الأول بقوله قلت إنما أقوال الموثقين في استئجار الناصر في أحباس المساجد من يؤذن ويؤم ويقوم بمؤنة المسجد فلعله فيما حبس ليستأجر من غلته لذلك وأحباس زماننا ليست كذلك إنما هي عطية لمن قام بتلك المؤنة وهذا كاختلافهم في امرأة إمام مسجد له دار حبست عليه مات إمامة فقال ابن العطار وغيره من الموثقين لجيران المسجد إخراجها قبل تمام العدة المتيطي أنكره بعض القرويين وقال لا فرق بينها وبين زوجة الأمير وقال بعض شيوخنا لو كانت أحباس المساجد على وجه الإجارة لافتقرت لضرب الأجل قال ابن عرفة للمخالف نفي منع اللزوم وانتهى كلام ابن عرفة ونقله ابن ناجي في شرح المدونة وقال بعده واستمرت الفتوى من كل أشياخ القرويين وغيرهم بجواز أخذ من يصلي أو يؤذن من الأحباس الموقوفة على ذلك من غير اختلاف بينهم لما ذكر من أنها إعانة أو لضرورة الأخذ ولولا ذلك لتعطلت المساجد وقد ورد الشيخ أبو عبد الله الدكالي على تونس فلم يصل خلف بعض شيوخنا ولا الجمعة يعني ابن عرفة قال وكان إماما بجامع الزيتون ولا خلف غيره لأخذهم على الصلاة ورأى وجود الخلاف شبهة وكان كل بلد يرد عليه في سفره للمشرق لا يصلي إلا خلف من لا يأخذ شيئا إن وجد نفعنا الله ببركته آمين وذكر البرزلي أنه لما تخلف عن الصلاة خلف ابن عرفة أنكر ذلك ابن عرفة وعرض به في أبيات قال وقلت له نجتمع به ونناظره فمنعني من ذلك وقال البرزلي ثم ابتمعت به لما حججت بالإسكندرية فقلت له أنا أخذت مرتب الإمامة ومرتب التدريس وأعتقد أنه حل لي من أخذه من بيت المال إذا كان على وضعه من دخول الحلال فيه لأني لا استحق ذلك منه إلا لكوني مسلما فيدركني الأخذ بظهر العموم لكوني واحدا من المسلمين ومتى كثرت أفراد العام ضعف الظاهر وأخذ مرتب الإمامة والتدريس مباح بما يعرف من النص على الاختصاص به من واضعه وهو إعانة على الصحيح لا على معنى الأجر وقد أجرى السلف أرزاقهم من بيت المال من المؤذنين والعمال وغيرهم ولن يأتي آخر هذه الأمة بأهدى مما كان عليه أولها فلم يكن له جواب إلا أن هذا حسن لكن لا يزيد لك هذه الشخشخة انتهى والأبيات التي أشار إليها البرزلي ذكرها في أول كتابه فإنه لما تكلم على أخذه الأجرة على الفتوى استطرد إلى ذكر هذه المسألة ثم ذكر عن شيخه ابن عرفة أنه شنع على الدكالي حين ورد على الديار المصرية وجرى على هذه الطريقة حتى ذكر فيها أبياتا أنشدنيها حين اجتمعنا به بسفاقص وخرجنا للغاية ثم ذكر الأبيات ورأيت بخط بعضهم أن الشيخ الإمام ابن عرفة بعث بالأبيات إلى الديار المصرية في حدود التسعين وسبعمائة وهي هذه