منتهى صوته فلأن يشهد له من دنا منه وسمع منادي صوته أولى انتهى وقول شهد له ظاهر كلام ابن حجر وغيره أن الشهادة هنا ظلى بابها ورأيت في حاشيته نسخة من الموطأ عن ابن القطان أن الشهادة هنا بمعنى الشفاعة قال ابن حجر والسر في هذه الشهادة مع أنها تقع في عالم الغيب والشهادة أن أحكام الآخرة جرت على نعت أحكام الخلق في الدنيا من توجيه الدعوى والجواب والشهادة قاله ابن المنير وقال غيره المراد من هذه الشهادة اشتهار المشهود له يوم القيامة بالفضل وعلو الدرجة وكما أن الله تعالى يفضح بالشهادة أقواما فكذلك يكرم بالشهادة أقواما آخرين انتهى وفي حديث آخر المؤذن يغفر له مدى صوته ويشهد له كل رطب ويابس رواه أبو داود والنسائي المؤذن يغفر له مد صوته فعلى رواية مدى صوته يكون منصوبا على الظرفية وعلى رواية مد صوته يكون مرفوعا على النيابة والمعنى أن ذنوبه لو كانت أجساما غفر له منها قدر ما يملأ المسافة التي بينه وبين منتهى صوته وقيل تمد له الرحمة بقدر مد الأذان وقال الخطابي المعنى أنه يستكمل مغفرة الله تعالى إذا استوفى وسعه في رفع الصوت فيبلغ الغاية فى المغفرة إذا بلغ الغاية في رفع الصوت الرابع قوله إن سافر المراد كونه في فلاة من الأرض ولا يشترط السفر حقيقة كما يفهم ذلك من كلام ابن عرفة الآتي في التنبيه الخامس وقوله قد يقتضي أن الجماعة لا يستحب لها الأذان وليس كذلك فإن كانت الجماعة ترتجي حضور من يصلي معها فالأذان في حقها سنة وأما إن كانت لا ترتجي فالأذان في حقها مستحب ولا تكون الجماعة أحط رتبة من الفذ فإن أصل مشروعية الأذان للجماعة وهذا هو المفهوم من كلام المازري وابن بشير وابن شاس قال المازري في شرح التلقين وأما المنفرد والجماعة فلا يفتقرون لإعلام غيطهم وهم بالحضر فاختلف هل يستحسن لهم الأذان لأنه ذكر فيه إظهار شعار الإسلام أو لا يستحسن ذلك لهم لأن الغرض الأكثر في الأذان الدعاء إلى صلاة الجماعة وهؤلاء لا يدعون أحدا ثم قال وأما السفر فيستحسن فيه وإن كان فذا انتهى وقال ابن بشير واستحب متأخرو أهل المذهب الأذان للمسافر وإن كان فذا وذكر حديثي الموطأ وقال ابن شاس واستحب المتأخرون للمسافر الأذان وإن كان منفردا لحديث أبي سعيد فإن قيل لعل هذا على طريقة ابن بشير وابن شاس الآتية في أن الفذ والجماعة التي لا تطلب غيرها في الحضر يستحب لها الأذان قلت أما على طريقتهم فلا إشكال في استحبابه وإنما الكلام على الطريقة التي مشى عليها المصنف فإنه لا يستحب للجماعة التي لا تطلب غيرها فالذي يظهر أن ذلك في الحضر وأما في السفر فالظاهر أنه مستحب أما أولا فلأن ذلك يفهم من كلام المازري كما تقدم في كلامه ميل إلى عدم الأذان إذا لم تطلب الجماعة غيرها في الحضر وأما ثانيا فلاحتمال أن يكون أحد قريبا منهم يواريه عنهم جبل أو تل أو طريق فإذا سمع الأذان أتى إليهم وصلى معهم وأما ثالثا فإن حديث أبي سعيد شامل للجماعة أيضا فلأن العلة التي ذكرها في الفذ موجودة في الجماعة فإن القرافي ذكر أن الفز في السفر في موضع ليس فيه إظهار شرائع الإسلام فشرع له إظهارها وسرايا المسلمين تقصده فيحتاج للذب عن نفسه بخلاف الحاضر فإنه مندرج في شعائر غيره وصيانته انتهى قلت هذا موجود في حق الجماعة بل إظهار شعائر الإسلام في حق الجماعة أوكد ولأنه ربما مر بهم شخص منفرد فيخاف كونهم من العدو فإذا سمع الأذان أمن على نفسه ومفهوم قوله إن مسافر أنه لا يستحب له الأذان في الحضر وسيأتي بيان ذلك في قوله لا جماعة لم تطلب الخامس عزا ابن بشير وابن شاس وابن الحاجب استحباب ذلك للمتأخرين كما تقدم وتعقبهم ابن عرفة بأن منصوص لمالك وابن حبيب ونصه واستحب ابن حبيب ومالك للفذ المسافر ومن بفلاة