والالتفات عن القبلة لقصد الإسماع وفي الواضحة عليه أن يستقبل أي استحبابا وقال في المجموعة ليس ذلك عليه أي وجوبا وعلى هذا فما في الكتابين متفق ومنهم من حمله على الخلاف انتهى وقال ابن بشير الدوران والالتفات للإسماع مشروع وظاهره أنه مطلوب ونصه ويستحب للمؤذن أن يستقبل القبلة عند التكبير والتشهد فأما دورانه ووضع أصبعيه في أذنيه فإن قصد بذلك المبالغة في الإبلاع فهو مشروع انتهى وقد يقال إن لفظ المشروعية لا يقتضي أنه مطلوب لأن لفظ المشروعية قد يستعمل فيما هو أعم من المطلوب كالبيع والإجارة قاله ابن عبد السلام في أول باب الأذان وقاله ابن فرحون وقال إنه يطلق على المباح وظاهر كلام ابن بشير أنه لا يدور ولا يلتفت في التكبير والتشهد وقال أبو إسحاق التونسي وجائز أن يبتدىء الأذان لغير القبلة انتهى وذكر في النوادر عن ابن حبيب أنه قال وأحب إلي أن يجعل أصبعيه في أذنيه ص وحكايته لسامعه لمنتهى الشهادتين مثنى ولو متنفلا لا مفترضا ش يعني أنه يستحب حكاية المؤذن لقوله عليه الصلاة والسلام إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وما ذكره المصنف من أن حكمها الاستحباب هو المشهور وأطلق ابن زرقون عليها الوجوب قال ابن عرفة ولا أعرفه قال ابن ناجي في شرح المدونة هو قصور بل هو معروف لنقل ابن شاس في التهذيب قال الظاهر من المذهب أنه مندوب إليه وسمعنا في المذاكات قولين الوجوب ونفيه وهما على الخلاف في أوامره عليه الصلاة والسلام هل هي محمولة على الوجوب أو الندب وكذلك ذكر الخلاف ابن رشد فقال وقيل واجب وقال ابن عبد السلام ظاهر الحديث الوجوب لكن قد تكون القرينة الصارفة عنه هي تبعية قول الحاكي للقول المحكي الذي هو الأذان انتهى وقوله لمنتهى الشهادتين يعني أن الحكاية تنتهي إلى قوله وأشهد أن محمدا رسول الله وهذا هو المشهور قال في المدونة ومعنى ما روي أنه إذا أذن المؤذن فقل مثل ما يقول إنما ذلك فيما يقع في قلبي إلى قوله وأشهد أن محمدا رسول الله قال في الطراز وما قاله صحيح لأن التكبير والتهليل والتشهد لفظ هو في عينه قربة لأنه تمجيد وتوحيد والحيعلة إنما هي دعاء إلى الصلاة والسامع ليس بداع إليها وقد وقع تصديق ما وقع بقلب مالك رضي الله تعالى عنه من إيماء الرسول عليه الصلاة والسلام إلى ذلك ففي صحيح مسلم عن سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قال حين يسمع المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإسلام دينا غفر له ذنبه فلم يذكر عليه الصلاة والسلام إلا لفظ التمجيد والتوحيد والتشهد وفي صحيح البخاري عن معاوية أنه لما قال المؤذن وهو جالس على المنبر الله أكبر الله أكبر قال معاوية الله أكبر الله أكبر فقال أشهد أن لا إله إلا الله فقال معاوية وأنا فقال أشهد أن محمدا رسول الله فقال معاوية وأنا فلما انقضى التأذين قال معاوية أيها الناس إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا المجلس حين أذن المؤذن يقول مثل ما سمعتم من مقالتي فظاهره أن ما زاد على التشهد وقول مالك يقع في قلبي يريد الذي غلب على ظنه من حيث النظر على ما بينا وجهه انتهى ومقابل المشهور أن المطلوب أن يحاكيه في جميع الأذان قاله ابن حبيب ورواه ابن شعبان عن مالك واختاره المازري قال في التوضيح وهو أظهر لأنه كذلك ورد في صحيح البخاري وغيره وعليه فيبذل الحيعلتين بالحوقلة أي يعوض عن قوله حي على الصلاة حي على الفلاح لا حول ولا قوة إلا بالله ثم يحكي ما بعدهما هكذا قال في الذخيرة أو غيرها وظاهر كلامه في التوضيح أنه إنما يعوض في قوله حي على الصلاة فقط وليس كذلك وذكر